مادة التعبير او الانشاء من المواد الدراسية المهمة والتي تأخذ حقها,, فهي استراحة المواد,, توضع في الوقت غير المرغوب به في جدول الحصص وفي الاختبارات تضاف مع اصعب المواد كالرياضيات,, أنهينا مراحلنا الدراسية كما انهاها الآلاف قبلنا وبعدنا,, ولم تضف هذه المادة اي شيء,، لا مفردات ولا اسلوب ولا أفكار ولا حتى المقدرة على النقد,, المواضيع التي نكتب عنها في كل سنة وفي كل مرحلة وكما كتب عنها الاجيال السابقة ويكتبون عنها الآن وسوف يكتب عنها القادمون في المستقبل هي نفسها,, مواضيع مستهلكة ومكررة, فمثلا في بداية العام الدراسي تكلم عن الاجازة الصيفية وكيف قضيتها وبعدها بفترة تكلم عن المدرسة,, وحين هطول الامطار,, تكلم عن يوم مطير,, وفي الربيع تكلم عن الربيع وصف رحلة الى البر مع عائلتك,, وفي رمضان تكلم عن شهر الصوم وبين فضله,, وبعد العيد تكلم عن مظاهر العيد,, وقبل الحج تكلم عن الحج والأضاحي,, وعند اقتراب الاختبارات تحدث عن الاختبارات وما ضرر السهر على الطالب,, فضلا عن اسبوع الشجرة والمرور ويوم الأم ويوم الايدز,, وإذا لم يوجد هناك مناسبة,, فتكلم عن بر الوالدين او عن الصلاة أو الزكاة أو صلة الرحم,, وهلم جرا. وفي كل سنة تتكرر نفس المواضيع ونفس الكلام بدون اي اضافة او تحسين او تطوير, فالطالب في الرابع ابتدائي يكتب نفس الكلام الذي يكتبه طالب في السادس ونفسه الذي بالمتوسط وأيضا الذي بالكفاءة عن نفس الموضوع,, وهذا هو اكبر دليل على اخفاق التدريس في هذه المادة,, وأعتقد ان المدرس الفاشل هو السبب الرئيسي,, فهو يأخذ حصة الانشاء للراحة,, ولا يبعث روح الحماس لدى طلابه,, أو يحاول تطوير ادواتهم او تجديد أفكارهم,, فالطالب ينهي المرحلة الثانوية وهو لا يعرف كيف يكتب معروضا لأي مسؤول,, او تقريرا عن اي شيء,, او صياغة لأي خبر,, او بحثا او رسالة ولا مدحا ولا رثاء ولا وصفا,, فقط يستطيع الكتابة عن المدرسة وعن العطلة الصيفية,,! يقول أخي الصغير في المرحلة المتوسطة,, جاء مدرس التعبير وطلب منا ان نكتب عن المدرسة كعادته في كل سنة,, فقام احد الطلاب استعباطا فسأل,, يا أستاذ عن ماذا نكتب؟,, فقال: صف المدرسة,, مبناها,, الطابور الصباحي,, المكتبة,, المقصف,, الفسحة,, وكل ما تعرفه عن المدرسة,, ثم عاد المدرس إلى كرسيه ووضع رجلا على أخرى,, وقال: هيا اكتبوا بصمت ولا أريد ان اسمع صوتا,, هنا قام احد الطلاب النجباء,, فقال: يا أستاذ هل لك ان تعلمنا ما معنى القصة القصيرة,,؟ وكيف كتابتها؟ ومن هم الاشخاص المؤهلون لكتابتها؟,, بمعنى هل نستطيع نحن ان نكتب قصة قصيرة؟ فتفاجأ الاستاذ من هذا الطالب ومن تفكيره,, وبعد برهة من التأمل,, رد عليه بعنف وقال: (أقول اكتب عن المدرسة واترك عنك الكلام الفاضي,, موضوع المدرسة وكثير عليكم). وبعد انتهاء أخي الصغير من رواية هذا الموقف تيقنت ان الكتابة لن تبرح مكانها,, ومثل هؤلاء المدرسين هم من يقومون بتنميتها لدى الناشئة وكتّاب المستقبل.