اطلعت على ما نشرته صحيفة الجزيرة في عددها الصادر بتاريخ 16/7/1421ه تحت عنوان رؤية حول هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقلم الأخ/ سعد بن عبدالرحمن يحيى اليحيى. وكأحد قراء عزيزتي الجزيرة فقد حفزني عنوان ومقدمة تلك المقالة على قراءتها، كيف لا؟ وهي تتحدث عن جهاز مبارك يعد سمة بارزة من سمات مملكتنا الغالية منذ أن أمر الملك عبدالعزيز رحمه الله بإنشائه سائلا الله ان يكون من العمل الصالح الذي ينتفع به غفر الله له وأسكنه فسيح جناته. ويلاحظ في ثنايا مقالة الأخ سعد ان رؤيته عن الهيئة لم تكن ثاقبة، ويبدو والله أعلم أن نقص المعلومات الصحيحة حجب عن ناظريه رؤية حقيقة جهود أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن كانت بلا شك ليست غائبة عن القراء الأعزاء الذين يدركون ويلمسون ولله الحمد أثر الهيئة الرائد في خدمة الدين والمجتمع في ظل الدعم المتواصل والرعاية المستمرة من لدن مقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني أيدهم الله وحفظهم ورعاهم، وجعل ذلك في ميزان حسناتهم. وأرجو ان يسمح لي أخي الكريم سعد بهذه المداخلة التي سأقتصرها على نقطتين فقط حرصاً على وقت قراء عزيزتي الجزيرة وهما: أولا: قوله: لا يجوز تتبع عورات الناس والتجسس عليهم وهذا حق، ولكن موقع هذه العبارة وسياقها قد يوهم القارىء بأن ديدن الهيئة تتبع العورات والتجسس، وهذا خلاف الواقع الملموس الذي يشهده كل من زار الهيئة، او اطلع على عملها عن قرب، وليس عن طريق وكالة: (يقولون!) كما ان الهيئة حريصة جدا على تغليب جانب الستر، وللدلالة على ذلك فإن الهيئة في القضايا المتعلقة بالنساء وحرصاً منها على سترهن لا تشير أبدا لا الى اسم اسرتها ولا الى قبيلتها. ثانيا: قوله عن الهيئة ان غالب أعمالهم تكون باجتهادات فردية لا يضبطها ضابط ولا نظام ، يبدو لكل منصف ان الصواب جانبه في تسرعه باصدار هذا الحكم الجائر، حيث لا يجهل احد ان أعمال الهيئة يحكمها ويضبطها: (نظام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المتوّج بالمرسوم الملكي ذي الرقم م/37 والتاريخ 26/10/1400ه وكذلك: لائحته التنفيذية الصادرة بالقرار ذي الرقم 2740 والتاريخ 24/12/1407ه. وإن القارىء الباحث عن الحقيقة ليستغرب حكمه على الهيئة بقوله: (غالب اعمالهم,, إلخ) إلا إذا كان قد قام بدراسة وتحليل واستقراء لجميع قضايا الهيئة ووقوعاتها السنوية، اما إن كان اطلاقا للكلام على عواهنه دون تفكير في مسؤولية الكلمة وعواقبها، فأذكِّر نفسي وأخي الكريم سعد بقوله تعالى: ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد . وختاماً فإن مداخلتي هذه لا تعني استبعاد حدوث أخطاء من أعضاء الهيئة، فمن المعلوم أنهم ليسوا ملائكة، بل بشر يخطئون كغيرهم من البشر، ولكن اخطاءهم غير مقصودة فهم لا يجلبون لأنفسهم نفعا ولا يدفعون عنها ضرا، بل يقومون بواجبهم الشرعي الوظيفي الذي أوكله إليهم ولاة الأمر حفظهم الله ورعاهم, ثم ان اخطاءهم المعدودة تضيع في بحر حسناتهم المتلاطم بانجازاتهم المشرفة في خدمة الدين والمجتمع جعلها الله خالصة لوجهه الكريم والتي يسهمون بها مع الجهات الحكومية الأخرى في استتباب الأمن الذي نعيشه وننعم به في ظل رعاية حكومتنا الرشيدة أيدهم الله وأدام عزهم.