لقد غيّبه الموت، ودعاه الله إلى جواره بعد قرن من العطاء والبذل والسخاء,,, لقد اختفى صامتاً، وقوراً بعد أن علمنا، شيخاً عظيماً وأستاذا ماجفَّ له حبر ولا توقف له علم,, ذلك هو الرائد الكبير حمد الجاسر الرجل الموسوعي الذي نقف اليوم عاجزين عن فراقه لا نملك غير كلمات ضعيفة مرتجفة أمام هول المناسبة وامام مرارة الرحيل,,, فيما ترى ماذا تنفع الكلمات في وداع عاشق اللغة والكلمات؟ فيا أيها الراحل العزيز تقبلنا كما نحن بحزننا الكبير وكلماتنا العاجزة. تقبلنا أيها المسافر عنا، بل المسافر فينا، ونحن لا نعرف كيف نعد مآثرك من أين نبدأ قراءة سجل أعمالك,, هل نبدأ بمأثورك الشعبي أم بتراثك الادبي، أم بذاكرتك الخصبة لتاريخ الجزيرة العربية وتراثها وأنسابها؟ ماذا نقول عنك، هل نقول وداعاً، أيها المعلم الأول؟ أم نقول وداعاً أيها الرائد الأول، ها أننا نمد الأيدي إلى خطاك التي تبتعد عنا رويداً رويداً، باتجاه الخلود، فاخلد مع الخالدين بإذن الله ولنبقى نحن متسربلين بالذهول في لحظة فراق قاسية واستثنائية. فهل أنت رحلت فعلاً أم أنت هنا مقيماً في قلوبنا وأنفسنا، وعيوننا؟,,, بل أنت مقيم بما تركت من أعمالك العظيمة الباقية,,, والتي ستبقى بإذن الله. بلى أيها الشيخ الوقور، ستبقى هنا، نجماً ما هوى، صرحاً مضيئاً، ونبعاً نهرع عطاشى، إلى مائه الزلال! ستبقى هنا، مؤسساً ورائداً وعالماً نساباً ومؤرخاً,,, وأنت هنا المعلم النادر والانسان الرائع الذي أحب البلاد كما لم يحب البلاد أحد. فكم يلزمنا من حزن لكي نكون في وداعك، وكم يلزمنا من عين لكي تبكي فراقك، ومن أين نأتي بالحبر لكي نكتب مراثيك. فامض إلى روضة الخلد، وانتظرنا هناك فقد نجيء بإذن الله بعد أن نؤدي واجب الحفاظ على ذكرك وعلى آثارك وأعمالك. إنا لله وإنا إليه راجعون د, عبد العزيز بن عبد الله السنبل نائب المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم