هل يمكن أن يكون زيادة الوعي والتحصين الثقافي العامل الوحيد في تمسك الأفراد بثوابتهم العقائدية والأخلاقية ضد معاول الهدم والتأثير الفكري؟ الحقيقة أن ما يحدث على أرض الواقع يجيب على السؤال السابق بالنفي,. فهل المطالبون وهم المثاليون بزيادة الوعي والتحصين للجيل على قناعة تامة بفاعلية هذا السلوك في تثبيت المبادىء والقيم وتجنيبها المؤثرات الخارجية؟,, لقد كثرت المطالبات والمناشدات التي تدعو الى توفير جو من الحرية والتقييم الذاتي لكل حالة أو قضية جديدة تداهم المجتمع, فبعضهن يطالبن بتوعية الطالبات من خلال تغيير المناهج لتواكب العصر على حد قولهن قبل مطالبتهن أي الطالباً بلبس الحجاب الساتر والعباءة الخالية من النقوش والزخارف!! والآخر يطالب مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لفسح المجال أمام المواقع المشبوهة في الشبكة العنكبوتية الانترنت والغاء الرقابة عليها لأن ذلك لن يجدي حسب رأيه رافعا راية التحصين الثقافي والديني في وجه تلك المواقع! وغير أولئك المطالبين كثير,. وللأسف أن هذه التنازلات والتحصينات المزعومة قد تدخل في اطار حق أريد به باطل . فالناظر للأمر وبواقعية يدرك أنه مهما بلغت قوة التحصينات الفكرية الدفاعية فلن تحول دون تسرب تلك الشوائب الى عقول الناشئة. وأين هي تلك العقول التي تستوعب كل ما يقال لها خاصة اذا كان ما سيقال يخالف رغباتها؟ وإذا عرفنا أن صورة واحدة أو لقطة تلفازية مخالفة للقيم تقوض بنيانا محصنا بالفكر والمعرفة. وما سبق ليس دعوة لترك التحصين الثقافي أو الاقلال من جرعات الوعي, وإنما هو دعوة للعمل على مسارين متوازيين للتعامل مع الناشئة وهما: الأول: ابعاد مصادر الخطر عنهم. ثانيا: تحصينهم بخطورة هذه الأشياء وتبيان أثرها السلبي عليهم. وأذكر في هذا الباب,, أثرا يروى عن عثمان بن عفان رضي الله عنه إذ قال إن الله ليزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن , فالسلطة التنفيذية قد تكون أقوى وأمضى من السلطة التشريعية في بعض الجوانب ولذلك شرعت الحدود والتعزيرات التي تطبق على كل من خالف تلك التشريعات ولم يؤمن بها. وأخيرا فإنه ليس بخاف على أحد هذه القاعدة الفقهية درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ,, وقديما قيل درهم وقاية خير من قنطار علاج . * وقفة مع بيت من الشعر: ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء!