نظر الصغير بإعجاب إلى والده وهو يشحذ قرناه وقد استطالا واصبحا سلاحاً ماضياً.. لمح الأب تلك النظرة فقال مفتخراً هما سلاحك.. وعليك أن تحرص عليهما.. وتجعلهما دوماً على أُهبة الاستعداد.. فالغابة مليئة بالأعداء.. وهناك من يتربص بك عند كل زاوية.. اطمأن الصغير لحديث والده.. وزاد تقديره له وهو يراه يستعملهما في نزاعه مع غيره من الرفاق.. تنازعا على قطعة من الأرض.. أو على إحدى إناث القطيع.. ملأه ذلك بشعور هو مزيج من الفخر.. والأمان. لكن كل ذلك تبدد وذهب أدراج الرياح حين رأى والده.. وسائر ذكور القطيع وهم يفرون.. لا يلوون على شيء وقد نكست قرونهم العظيمة.. أمام هجمة شرسة قام بها.. ذلك الأسد الصغير. فضول يحكون أن الفيل كان له أنف قصير فيما سلف من الأزمان.. لكنه كان فضولياً يحب أن يعرف كل ما يدور في الغابة.. فكان يتجول في الغابة.. يسأل القرود ماذا تفعل فوق الأشجار.. ولماذا يزأر الأسد هكذا.. وما السر في تلك الرقبة الطويلة للزرافة؟.. ضاق الجميع ذرعاً بالفيل.. فأشاروا عليه بأن يذهب إلى التمساح في البحيرة.. فعنده إجابات كل الأسئلة.. اقترب الفيل من التمساح الراقد عند طرف البحيرة يستمتع بأشعة الشمس.. نظر إليه.. رأى دموعاً تترقرق في عينيه.. سأله عما يبكيه.. رد التمساح وابتسامة ماكرة تتراقص بين أسنانه الحادة.. هناك شيء يؤذي عينيه ولا أستطيع له نزعاً.. اقترب الفيل ليرى ما هذا الشيء.. ولكن التمساح سرعان ما أطبق فكيه على أنف الفيل وأخذ يحاول جذبه إلى قاع البحيرة.. قاوم الفيل بكل ما يملك من قوة.. استمر الشد والجذب حتى استطاع الفيل أن ينجو.. ولكن بعد ما استطال أنفه وصار على ما هو عليه الآن.. أجوب في شوارع المدينة.. أحدق في وجوه الناس.. ألمح أنوفهم وقد استطالت وتدلت كخرطوم الفيل.. أعود فأنظر لصورتي في المرآة.. ما زال أنفي كما عهدته من قبل.. لكني لا أسعد بذلك.. وأحاول أن أخفيه عن عيون الناس المحملقة في وجهي.