فقد ثلمت من الإسلام ثلمة وموت العابد القوام هدم فكم شهدت له بالليل ظلمة وموت الحاكم العدل المولّى فإن بقاءه في الأرض نعمة وموت الفارس الضرغام هزم فكم شهدت له بالنصر عزمة وموت فتى كثير الجود محل فإن بقاءه خصب ونعمة فحسبك خمسة يبكى عليهم وباقي الناس تخفيف ورحمة وباقي الناس همج رعاع وفي إيجادهم لله حكمة إن العلماء هم ورثة الأنبياء وهم مصابيح في الأرض يبصرون الناس بأمور دينهم ويهدونهم بإذن الله إلى طريقه المستقيم, لا يريدون جزاء ولاشكورا وإنما يبتغون الأجر من الله. ومن هؤلاء العلماء العالم الزاهد الفقيه شيخنا الشيخ الوالد محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله هو أحد العلماء الذين بذلوا وقتهم وجهدهم لتعليم الناس، درس في الصباح (في الإجازة)، درس بعد العصر، درس بعد المغرب، درس بين الأذان والإقامة من صلاة العشاء هكذا كان يمضي يومه رحمه الله، همة ونشاط لا يكل ولا يمل حتى وهو في آخر أيامه في حرم الله كان يلقي الدروس. همه هو توصيل العلم وراحته الجلوس لتدريس الطلاب, دروس وفتاوى في المسجد والطريق وعبر الهاتف, هكذا تمر حياته وأيامه حتى إذا ما وافاه الأجل المحتوم واستتم عمره المعلوم وافته المنية يوم الأربعاء 15/10/1421ه. كانت جنازته رحمه الله جنازة مهيبة حضرها خَلقٌ كثير امتلأ بهم الحرم الشريف فما أن شوهد وهو مسجى ببردته حتى سالت الدموع ورقت القلوب, انسكبت دموع من فارقوا شيخهم وقد أحبهم وأحبوه واعتادوا على سماع صوته مفتيا ومدرساً ومحاضراً. اشتد بنا الحزن عليه وآلمنا موته ولكن عزاءنا أن (كل نفس ذائقة الموت) وقوله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: (إنك ميّت وإنهم ميتون) فالموت باب وكل الناس داخله. وكما قال الأول: كل ابن انثى وإن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول وكما قيل أيضاً. الموت مامنه ملاذ ومهرب متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب والعزاء للأمة الإسلامية التي رزئت بفقيدها, والله نسأل ان يجبرنا في مصابنا كيف لا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الناس ولكن يقبضه بموت العلماء فإذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوسا جهالاً فأفتوا الناس فضلّوا وأضلوا) أو كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم. والعزاء موصول للشيخ خالد والشيخ سامي والأخ الغالي أبي عبدالمجيد وباقي الأسرة على فراق الشيخ الوالد. فاللهم اغفر للشيخ وارحمه وافسح له في قبره ونوّره له وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين. إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك ياشيخ لمحزونون ولا نقول إلا مايرضي ربنا إنا لله وإنا إليه راجعون . والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. عبدالمحسن بن سليمان الحربي عنيزة