أرجو ألا يستثير هذا العنوان القراء فالدعوة التي أعنيها هنا ليس المقصود بها الدعوة إلى الله وإنما هي «الدعوة» الخاصة بالمناسبة وهي طلب حضور المدعو إلى مناسبة كالوليمة والعقيقة.. إلخ. وأولى المخالفات وهي أيضاً مخالفة للسنة النبوية عدم تلبية الدعوة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت» وهناك من يعتذر في حينه بعذر مقبول وهناك من هو دائم الاعتذار لا يلبي للناس دعوة وأعظم من هؤلاء من يعد بتلبية الدعوة فلا يحضر ولا يلبي الدعوة، وكم من مناسبة رأينا فيها الإسراف والتبذير وعندما يناصح صاحب الدعوة ويعتذر ويقول إن الذين دعوتهم للمناسبة هم أضعاف هذا العدد وليسوا هم الذين اعتذروا في البداية أو حضروا فحصل الإسراف وقد يحصل في النفس شيء من الضيق والحنق على ذلك الذي لم يحضر!! وبالمناسبة هناك من ذوي النفوس الضعيفة المخالفة لمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يرصد من زاره ومن لبى دعوته فيسجل قائمة فإذا دعي لمناسبة قادمة نظر في قائمة أكان من الملبين أم من المعتذرين أم من المتخلفين وسبحان الله رب العالمين! نسي قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ليس البر أن تصل من وصلك ولكن البر أن تصل من قطعك». ومن المخالفات الشرعية التي يحصل فيها ضعف الإيمان والخلق أن صاحب الوليمة والمناسبة يلتمس دعوة علية القوم من أقاربه وأصحابه ويترك الضعفاء والمساكين من أهله وزملائه والرسول صلى الله عليه وسلم يقول «بئست الوليمة لا يدعى لها الضعفاء». وفي المقابل هناك من لا يجيب دعوة الضعفاء والمساكين ومن لا حول لهم ولا قوة ولا يجبر خاطر أخيه في حين أنه أول المبادرين لإجابة الدعوة لعلية القوم وذوي الشأن، وقد يحضر لهذه الدعوة وإن لم يدع إليها ملتمساً لصاحب الدعوة الأعذار بأنه قد نسي ومشغول والويل كل الويل للرجل الضعيف إذا دعاه ولربما قال كما يقول العوام: «حنا مشغولين وما حنا بفاضين». ومن المخالفات الشرعية الإلحاح والقسم عند الدعوة وإطلاق الإيمان والحلف بالطلاق لإرغام الضيف أو المدعو على قبول الدعوة وهذه العادة السيئة مازالت موجودة عند بعض الجاهليين الذين يرون أن يكرموا ضيفهم وهم يجعلون الله عرضة لإيمانهم ويكدرون حياتهم وحياة أزواجهم اللاتي لا ذنب لهن بإطلاق إيمان الطلاق على أمور لا تستحق. ومن العادات الذميمة في المناسبات والدعوات التأخر في الحضور وحبس المدعوين بحجة انتظار أحد أو بعض المدعوين وهذه العادة السيئة ربما صارت دأباً لبعضهم وربما عن قصد لبيان مكانة المتأخر وانتظار بقية المدعوين له فيمعن في إهانتهم والصحيح أن من أهانهم صاحب الدعوة الذي وافق على تأخر هذا الرجل والواجب منه عدم التأخير والأفضل دائماً تحديد وقت لتناول الطعام ومن حضر قبل ذلك الوقت أو فالعذر تبلّغ بتحديد الموعد وما أصدقَ البيتَ الذي يقوله أحد الحكماء: ومن المصائب والمصائب جمة حبس الجماعة بانتظار الواحد وأخيراً وليس آخراً هناك من يجعل من المناسبة والدعوة حدوداً فاصلة في علاقته بالآخرين والعياذ بالله فلا يقبل عذراً وقد يقطع صلته بقريبه وزميله إن اعتذر إليه قبل أو بعد المناسبة وحالت الظروف دون تلبية الدعوة. هذا جزء يسير في مسألة الدعوة وإجابتها وأحوال المدعوين بين القبول والاستجابة والاعتذار أو التخلف وأما المناسبات وما يحصل فيها من مخالفات شرعية فلها حديث آخر في مناسبات أخرى بإذن الله.