الأكيد.. أن ذاكرتي تدرك جيداً ثقافة من تصفّح ورقات المتنبي.. وتلذّذ بكلماته المستوحاة من زمن توحشت منه أدمسة الظلام.. وأصوات الرياح وهي تجري بين سكنات الليل.. وقد أباح لي الشيخ الوالد عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري رحمه الله ذات مرة حينما كان في رحلة استجمام في عاصمة الضباب لندن.. شيئاً من ذلك السر الكبير ظناً منه أنني سأستفيد من مسلك سلكه مع المتنبي ومن هم في حكمه في خلوته المعتادة.. ولا أظن أن من مثلي يسير مسيرة الشيخ الكبير.. لأنني أستسيق ألفاظاً طوعها الشيخ لذاته المحببة للنفس.. فإن تحدث أغشى البصيرة بوهج اللفظ.. وإن كاتبك بتواضعه صنع في روحك المجد.. وأنت لا تستحقه.. لكنه شموخ تسيد به الشيخ الكبير لتاريخ يذكره فيه أهل بصيرة.. لأجيال تتراءى لهم (كربنة نجاح) لنور يشق الظلام أمام فرعنتهم المستقبلية.. تلك الأجيال القادمة حينما يتاح لها معرفة الشيخ بمعانيه الغزيرة ستجد أنها سجت في معاني الخيال.. وسار بها الزمن إلى تلك الحقبة البعيدة.. حقبة القرب وجريد النخل.. ومطايا السفر البعيد.. هنا.. يأتي الأبناء المتورثون ذهن أبيهم في غزارة الكلم.. وحسن المنطق في الخطاب والمخاطبة. وحينما أبرق معالي الشيخ.. عبد المحسن بن عبد العزيز التويجري نائب رئيس الحرس الوطني المساعد برقية تهنئة لصاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز بعد أن عين رئيساً للحرس الوطني وعضواً في مجلس الوزراء وزير دولة.. حملت تلك المعاني هاجس الشيخ ورفاقه المخلصين.. استطاع الشيخ عبد المحسن كعادته المتخفية عن محبيه أن يطوع رتم أبيه في حسن الخطاب وأن يجزل المعنى لمن يراه مستحقاً لتلك المعاني البعيدة المعنى.. الشيخ يرى في الأمير متعب.. رمز الوطن أبيه.. خادم الحرمين ألبسه الله ثياب العزة والصحة والسلامة آمين.. هنا.. يؤكد الشيخ مجدداً ماهية العلاقة الحميمة بين الأمير متعب وبين الحرس الوطني ككيان تتلمذ فيه الأمير.. ونجح فيه بامتياز.. ورصع وقته من ذهب نثره على صفحات تاريخ طويل.. أعتقد أن الشيخ حينما فتح محبرة قلمه السائل.. يدرك جيداً ماذا سيقول في ورقة سطرها بمعاني الوفاء لرجل عرفه منذ الطفولة.. اختار له لفظاً يرى فيه نبل الأخلاق وحسن الأداء.. وجمال التكليف.. من هنا يأتي التطويع في المعنى لجزالة صاحبه.. والمتقصد فيه بالشبه.. لأنك حينما تصف الموصوف بلغة التشبيه العميق فإنك تثبت أنك توده وتفتخر به وتحترم كيانه الكبير.. تهنئتي للأمير متعب بن عبد الله يحفظه الله.. الذي إن نظرت إليه بنظرة عسكرية تجد أنه عسكري متمكن.. وإن نظرت إليه بنظرة ود واحترام تجد فيه ما يشفي الغل.. هو من صنع أبيه والحمل عليه كبير وهو أهلٌ له.. ولهذا.. تمكن الشيخ عبد المحسن من إفراغ الذات بترييح مركبته وتبريد محركات الذهن.. عندما يصف حاله وحال محبي الأمير بتهدئة نبضات القلب تجاه هدف لن يشقى في وصف خواطره تجاه الحقيقة.. فمن أب شامخ المجد إلى ابن توشح بالعز.. ليقود الحرس..