نشرت جريدة الجزيرة في عددها رقم (13847) مقالة للدكتور حمزة السالم تطرق فيه إلى مشكلة توجد وتلاحظ في القرى والمدن الصغيرة على وجه الخصوص وهي التنافس والحسد بين أبناء ذلك البلد وقد ذكر موقفاً عن أحدهم اشتكى من عدم تطور قريته بسبب ذلك حيث كلما رفع أحد وجهاء البلد طلباً إلى المسؤولين لتحقيق منفعة للبلد ونال الطلب الموافقة اعترض آخرون من خلال اختلاق أكاذيب وأساليب وأسباب لإيقاف المنفعة العامة وهذا يظهر عند إنشاء الطرق والمشاريع التنموية وغيرها وقد قرأت في هذه الجريدة قبل أشهر عن توقف أمانة إحدى المدن (أمانة حائل) عن توزيع الأراضي على المواطنين المستحقين بسبب اعتراض أحد المواطنين على المخطط بكامله (مخطط اللقيطة) وأنه يجري التحقيق في الشكوى والاعتراض وما أريد أن أصل إليه هو أن هذه الاعتراضات منتشرة بكثرة لأسباب قد تكون غير منطقية فمثلا في مركز الحلوة بحوطة بني تميم هناك معارضات على مخطط الدويرية ومخطط عريض والمشكلة أن الشباب هم المتضررون من ذلك حيث قد ينتظرون لأشهر أو سنوات وهم ينتظرون نتيجة هذه الاعتراضات كما أن المجلس البلدي في الحلوة وكذلك البلدية قبل مدة وافقوا على وضع شطفة في مقبرة القويع بحيث تكون من ضمن الطريق فاعترض أحدهم على ذلك بعد أن تم الانتهاء منها ولم يبق سوى السفلتة فتعطل المشروع قبل أن يتم إلغاؤه وهذه الاعتراضات تحتاج إلى دراسة لها ولأسبابها وسبل معالجتها لأنها بالفعل مشكلة حقيقية ومؤرقة. لأن هذه الأصوات التي اعتبرها نشازاً تتسبب بقصد أو دون قصد في تعطيل المشاريع التنموية كما أن فيها إضراراً بالمصلحة العامة كما أنها وصاية من القلة على الأكثرية في المجتمع فالوطن ملك للجميع وليس لأشخاص أن يتفردوا بالشكوى والاعتراض على ما فيه فائدة للغالبية حتى صار بعضهم ينتظر يومياً أمام أبواب المحاكم وأمانات المدن والوزارات لتقديم شكوى جديدة ضد جهة حكومية حتى صاروا معروفين في المحافظات وأجزم أنهم سيشتكون أنفسهم يوماً ما إن لم يجدوا من يشتكونه كحال ذلك الشاعر الذي لم يجد من يهجوه فهجا نفسه وإذا نظرنا للواقع فإنه من غير المعقول أن يعطل مواطن واحد فقط مصالح المواطنين الآخرين من أجل أهوائه الشخصية أو من باب الحسد وابن تيمية يقول: (لا يخلو جسد من حسد) ولكنه يقهر بالإيمان بالله والوعي والعلم وكما قال أحد الحكماء قديما: (الحسد في الجيران والعداوة في الأقارب) وهذا أمرٌ واقع فسكان القرى في أي مكان في العالم يظهر بينهم الحسد وتظهر بينهم العداوة والبغضاء إما بسبب الجهل بعواقب الحسد وبسبب حب الرئاسة والجاه في القرية وأن يكون الحاسد هو صاحب كل اقتراح وأن تكون الموافقة على المشاريع عن طريقه لشعوره بالنقص ولذا فهو يرى أن غير ذلك فيه سقوط لمنزلته إذا ارتفعت مكانة غيره وهذا من الغيرة القبيحة كذلك والكبر وسوء الخلق وهذا من مداخل الشيطان على الإنسان حيث تبدأ المسألة بالاعتراض لتنتهي بالمشكلات والخلافات وقطع العلاقات الإنسانية والتباغض. والحسد كفانا الله شره موجود حتى بين مجتمع النمل الذي يرمز له بالنظام والكفاح والتعاون حيث قرأت عن دراسة ذكرت أن مجتمع النمل كالبشر يتمتع بالغش والحسد والاحتيال والفساد من أجل الحصول على المزيد من الطعم والحصول كذلك على المزيد عن المزايا وهذا الأمر ينطبق على النحل والطيور وسائر الحيوانات ولكن في النهاية يسود النظام بفعل القانون والأنظمة وقد يكون للفراغ دور في ذلك أيضا فالشخص الذي يعاني من الفراغ لا يستغرب منه أي شيء فهو قلق يشكو الملل وقلة العمل وقلة الأهمية فلا يدري ماذا يفعل فيؤذي نفسه وجيرانه ووطنه ومجتمعه وأجمل ما قرأت أن الفراغ يسبب الحسد وأن الحسد هو البذرة والفراغ هو الماء الذي يسقيها والفراغ مدمر بالفعل فهو إن لم يوظف في البناء فإنه سيكون هدم خاصة عندما يرافقه جهل أو حسد وحقد فالحسود قد يحسد نفسه ومجتمعه كما قال الشاعر: إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر والحسد كالنار التي تضطرم وتريد الخروج لتحرق كل شيء فهي تحرق الطيب والسيئ وكذلك النافع والضار فهي لا تفرق بين الأشياء فهي كالأعمال الذي لا يفرق بين الليل والنهار والحاقد على المجتمع يحصل منه مثل ذلك في شتى المجالات وقد يكون وضع موقع إلكتروني رسمي للمجالس البلدية أو البلديات تحت إشراف إمارة المحافظة بحيث يعرض المشروع ويكون هناك استفتاء إلكتروني لمعرفة المؤيد والمعارض وبعد ذلك يطرح أمام الجمهور بوسائل مباشرة قبل الرفع به لجهد الاعتماد على أن يذكر المعترضون مبررات اعتراضهم فقد تكون الاعتراضات وجيهة حيث بعض القرارات يكون فيها ضرر على أشخاص وعدم حلها يتسبب في مشكلات بين المواطنين والشركات المنفذة للمشروع والمقاولين مما يلحق ضرراً بجميع الأطراف فالمقاول مرتبط بعمالة وأجور ستصرف لها وقيمة إيجارات المعدات وهذا سيؤدي إلى تعطيل مشاريع أخرى وهذا الموقع الإلكتروني يمكن أن يكون حلقة وصل بين المواطن والجهات المسؤولة فتكون الاقتراحات والأفكار والملاحظات عن طريقه. وهناك نقطة أخرى لها ارتباط بهذه المسألة وهي البعض أنه يتعدى على بعض الأراضي ويظن بذلك أنها أصبحت ملكه وعندما يقام عليها مشروع يخدم الوطن والمواطن يعترض ويشغل الجهات المختصة والمحاكم بالاعتراضات والشكاوي والشفاعات مع أنه في نظري يستحق العقوبة على استفادته من الأرض طوال السنوات الماضية وأخذه شيئا لا يملكه وأتمنى أن يكون في نظام المرافعات الشرعية الذي على وشك أن يصدر أو هو صدر بالفعل عقوبات صريحة ومشددة على كل من يقوم بالتعديات على الأراضي الحكومية أو أراضي الغير وكذلك عقوبات مغلظة على كل من يعيق مشروعاً وطنياً دون مبرر واضح أي أن كل من يعترض عليه أن يستند على إثباتات وإلا فيعاقب لأن فعله هذا يماثل من يقوم برفع دعوى ويتضح بعد ذلك أنها كيدية بل فعله أشنع حيث الدعوى الكيدية يكون ضررها في الغالب على شخص أما من يعترض على مشروع تنموي دون مبرر فهو يكون ضد مجتمع فيه الرجال والنساء والأطفال بل هذا المعترض قد يقوم بتحريض غيره على الاعتراض ومقاومة رجال الأمن والوقوف في وجه العمال ومعداتهم والعقوبة ليست مجرد توقيف الشخص بضع ساعات أو أيام بل لابد أن يكون هناك لائحة يعرف من خلالها الشخص أنه سيعرض نفسه لعقوبة رادعة جراء اعتراضه أو تحريضه فبعض الأشخاص يقوم بالاعتراض من أجل الاعتراض فقط وهذا الشخص مهما كانت المشروعات والأفكار والطموحات التنموية والتقدم الحاصل في قريته أو مدينته فإنه سيعترض لأن حب الاعتراض يجري في دمه وما يحتاج مثل هؤلاء هو الوعي الذي قد لا يأتي إلا من خلال العقاب الذي سيجعله يفكر ألف مرة قبل الاعتراض والشكوى وتعطيل التنمية فالاعتراض حق كفله النظام ولكن متى تعترض وكيف تعترض هو الفيصل في المسألة فالوسطية ليست في الدين فقط بل في كل مناحي الحياة. ومن باب الطرافة أذكر أن أحدهم أخبرني أنه تقدم للبلدية في إحدى المدن المتوسطة المساحة وكانت الوظيفة المعلنة وظيفة محامي للبلدية يقول وكان سؤالهم الوحيد لي في المقابلة الشخصية هل تستطيع أن تقف في وجه فلان الذي يعترض على معظم مشاريع البلدية وأن ترد عليه وتحاجه في المحاكم وفي أي مكان يتقدم فيها بشكواه كما أذكر أنني قرأت قبل سنوات تصريحا لأحد المسؤولين بوزارة الصحة ذكر فيه أن أشخاصا تقدموا بمئة وخمسين ألف شكوى في سنة واحدة فقط ضدهم اتضح أن معظمها كيدي وهذه الشكاوي والاعتراضات تدعوني للتساؤل كم عدد الشكاوى والاعتراضات التي حصلت في المملكة في عام واحد وكم الصحيح منها وكم نصيب الاعتراضات على مشاريع الدولة وهل هناك أسماء تكررت بصورة واضحة في هذه الاعتراضات والشكاوي وهل المعترضون لهم مصلحة أو وقع عليهم ضرر حتى يعترضوا أم من أجل تحقيق مصالح لهم واستعراض عضلاتهم فقط وكم مشرع تعطل وتأخر أو ألغي بسبب هؤلاء المعترضون بصراحة أتمنى أن تكون هناك جهة تكون مهمتها الإحصاء ودراسة الأرقام والتقارير التي تصدرها الوزارات وفرزها واستخلاص النتائج والدروس والخطط منها فالكثير من الأرقام عندما تكون دقيقة تقدم كنز معلوماتي يساعد في التخطيط والتطوير وإيجاد الحلول وتجاوز العديد من العقبات. ومن وجهة نظري أن إلزام الجميع باستخراج صكوك وحجج استحكام للأراضي التي يملكونها ووضع مهلة لذلك والإسراع في ذلك عن طريق التسجيل العيني للعقار ووضع نظام يمنع الاعتراض على مشروعات المصلحة العامة التي تهم المواطنين إلا ما كان عن طريق المجالس البلدية التي تمنح صلاحية الاعتراض على المشروع خلال شهر مثلا بحيث يستطيع المواطن تقديم حججه وبراهينه على المجلس البلدي لدراسته فإذا أخذ برأيه وإلا فلا ينظر لاعتراضه أبداً على أن لا يكون رئيس البلدية هو رئيس المجلس البلدي كما أن وجود لائحة تعزيرية في نظام المرافعات لمن يعطل المشاريع الحيوية التنموية سواء كان مواطنا عاديا أو مسؤولا بحيث تحال أوراقه للادعاء العام لإعداد لائحة دعوى ضده وبعدها تحال أوراقه للمحكمة الشرعية سيقضي على الكثير من العقبات التي تؤخر التطور والرقي لكثير من القرى والمحافظات أما ما يحصل فهو استغلال البعض ديوان المظالم والمحاكم لتعطيل المشروعات حيث يستغل كثرة القضايا ودراساتها وطول فترة مواعيد الجلسات أسوأ استغلال. علي بن زيد القرون - حوطة بني تميم