تحدثنا في المقالتين السابقتين عن أسباب الوسواس القهري والفرق بينه وبين وساوس الشيطان، وعن أعراض الوسواس القهري التي يعاني منها المريض المصاب به واليوم بإذن الله نستكمل الحديث عن دور العلاج في التغلب على هذه الوساوس. علاج الوسواس القهري أما علاج الوسواس القهري كمرض فهناك 3 طرق للعلاج وهي: العلاج الدوائي، والعلاج السلوكي المعرفي، والعلاج الجراحي، ومن خبرتي أرى أن الجمع بين العلاج الدوائي والعلاج السلوكي المعرفي قد أفادا جداً في علاج الوسواس القهري وأعطى أفضل النتائج كل حسب حالته وحسب شدة الأفكار والوقت المضيع في الوسوسة، ومدى تعارض الوساوس مع الأنشطة اليومية للمريض وكذلك مدى الضيق أو الكرب الناتج عن الوساوس ومدى المقاومة التي يبديها، وأخيراً مدى قدرة المريض على التحكم في الوساوس وذلك كله من خلال جلسات تعلم فنيات قطع الفكرة وصرف الانتباه عنها بأسلوب علمي، فيفضل في الجلسة الأولى أن يشرح الطبيب النفسي للمريض الفروق بين الوسواس القهري كمرض واضطراب، وبين وسوسة الشيطان، ثم تعلم فنيات منع الاستجابة، ثم التعرض مع منع الاستجابة، وأخيراً جلسات منع الانتكاسة، وغيرها..... العلاج الدوائي أثبتت عقاقير علاج الوسواس القهري روعة في علاج اضطراب الوسواس القهري إذا تم إعطاؤها تحت إشراف الطبيب النفسي وبجرعات مناسبة، ومن هذه العقاقير.. (كلوميبرامين) و(فلوكسيتين) و(باروكسيتين) وفلوفوكسامين و(أسيتالوبرام) و(سيرترالين)، وهذه العقاقير تختار مادة السيروتينين الموجودة في المخ من دون غيره من الناقلات العصبية وتسمى (اختيارية السيروتونين SSRIS)، كما يمكن أيضاً إضافة جرعة قليلة جداً في حالات خاصة من مضادات الذهان الحديثة عند الاحتياج لها مثل عقار (ريسبيريدون). العلاج الجراحي يتم في هذا العلاج قطع بعض القنوات العصبية في بعض مناطق المخ التي تصل بين القشرة الأمامية والنواة المذنبة والكرة الشاحبة في الدماغ المتوسط، أي قطع حلقة الوسواس القهري المفرغة، ولكن نتائج الجراحة غير مشجعة للآن. علاج وساوس الشيطان إن العلاج الديني الثابت في القرآن الكريم والسنّة النبوية المطهرة في حالة وجود أي مصدر لوسوسة الشيطان علاجها يكون بالاستعاذة بالله سبحانه وتعالى من الشيطان الرجيم وأن يتفل عن يساره ثلاثاً، قال تعالى: ?وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ? (الأعراف 200)، وقال تعالى: ?وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ? (فصلت 36). وأخيراً.. فقد خلق الله سبحانه وتعالى الداء وخلق له الدواء، علمه من علمه، وجهله من جهله، إذا الأصل في الطبيعة هي الصحة، والوسواس القهري له شفاء بإذن الله تعالى ونسبة شفائه مع الدواء والجلسات السلوكية تكون أكثر من 80% والنسبة التي تنتكس أو تعود لها الأعراض يخصص لها جلسات خاصة.. مع أمنياتي بدوام الصحة النفسية للجميع. د. علي مصطفىأخصائي الطب النفسي