كان الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود - طيب الله ثراه - وما زال وسوف يظل أكثر شخصية تاريخية آسرة؛ بما وهبه الله من صفات قيادية قَلَّ أن اجتمعت في غيره من قادة العصر الحديث وزعمائه. أجل، كان الملك عبدالعزيز قائداً عبقرياً، وسياسياً بارعاً، وحكيماً نابهاً، وبطلاً شجاعاً فذاً، بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى. إذ تجسدت فيه كل صفات البطولة الحقة من قوة وشجاعة وإقدام وجسارة، وحزم وعزم، وجود وكرم، وزهد وتواضع، وتقوي وورع، وصدق وصراحة، وأمانة وحكمة وعطف وتسامح، ورأفة ورحمة، كما كان بجانب هذا كله صاحب نظرة ثاقبة، ورؤية واضحة، وحس سليم، وتقدير صحيح للأمور، سريع النجدة والنخوة، طيب القلب، لين العريكة، مطبوع على الصراحة والوضوح، وقبل هذا وذاك كله كان - يرحمه الله - شديد الإيمان بربه، عظيم الثقة به، مطمئناً إلى نصره وتأييده، ولهذا ساد قومه بالمكارم لا بالألقاب. أما عقيدته القتالية فقد جعلته صاحب مدرسة عسكرية فريدة بحق، حيَّرت حتى جنرالات العالم ومفكريه العسكريين والسياسيين على حد سواء، وقد تجلي ذلك في كل ما خاضه من معارك، غير أنه يبدو أكثر وضوحاً في خطته العسكرية المحكمة لاستعادة الرياض، التي فاقت حتى خطط المدارس العسكرية الحديثة من حيث استيفاؤها لجميع شروط الاستراتيجية العسكرية من التخطيط والاستعداد، وروح المبادرة، وسرعة المفاجأة، والحشد، وتنظيم القوات، والمثابرة، وتحديد الهدف، والتركيز عليه، والثقة بالنفس والعمل الجماعي، وغير ذلك من شروط القيادة السليمة التي لا بد لكل قائد أن يتحلى بها. أجل.. أقول هذا بكل اطمئنان وتأكيد من خلال موقعي عسكرياً يتشرف بخدمته في الجيش العربي السعودي، الذي أسسه ذلك البطل الفذ والقائد الهمام، الملك عبدالعزيز آل سعود - يرحمه الله - إذ كلما تأملت خطته لاستعادة الرياض ودرستها من وجهة النظر العسكرية البحتة أُصاب بالدهشة والذهول بسبب تلك العبقرية الفذة التي لم يدرس صاحبها العلوم العسكرية في سانت هيرست أو فورت بلس أو فورت ليفنووث أو وست بوينت من الكليات العسكرية العريقة في العالم، ومع ذلك يدرك كل تفاصيل القتال والأسباب التي تحقق الانتصار في المعارك، والدليل على ذلك أنه لم يراهن على جواد خاسر أبداً، ولم يدخل معركة خاسرة طيلة حياته. وصحيح أن كثيراً من المؤرخين والكُتّاب والباحثين ورجال الأعمال بمختلف أشكالهم، في أمريكا وأوروبا والسعودية ومصر ولبنان وسوريا والعراق وباكستان، وفي كثير من بلدان العالم، قد تناولوا حياة الملك عبدالعزيز - يرحمه الله - فألفوا كتباً كثيرة، وكتبوا مقالات عدة، وأعدوا دراسات لا حصر لها تناولت مختلف جوانب شخصيته القيادية الفذة، فكتبوا عن جهاده وكفاحه ومعاناته من أجل تأسيس هذا الكيان الشامخ، كما تحدثوا عن براعته وذكائه ودهائه السياسي وقوته وشجاعته وعزمه وتصميمه وحزمه وقوة إيمانه بخالقه وثقته في نصره، وكثير من جوانب حياته وشخصيته العبقرية.. لكن صحيح أيضاً أنه مهما أرّخ المؤرخون، وكتب الكتاب، ودرس الباحثون، واسترسل المتحدثون عن حياة الملك عبدالعزيز، وعددوا مآثره، فلن يأتي يوم يمكنهم أن يضعوا فيه أقلامهم مطمئنين، قائلين ها قد قلنا كل شيء عن هذا البطل الفذ، ولم نترك شاردة أو واردة في حياته إلا أحطنا بها واستوفيناها بالدراسة والبحث والتحليل في كتبنا ومقالاتنا وأحاديثنا؛ إذ كلما قرأت ما كتبه المؤرخون وسمعت ما رواه الرواة ازددت يقيناً أن ثمة أسراراً في حياة هذا القائد العظيم والبطل المغوار، الذي يُعدُّ بحق ظاهرة فريدة مخالفة لقوانين التاريخ، لم تُستجل بعد، ولا تزال شخصية تمثل مادة ثرة ومعيناً لا ينضب؛ لما توفره من مجال خصب للكتابة واستجلاء الحقائق؛ لتكشف لنا عما انفرد به هذا المؤمن الصادق، والمجاهد الصابر من مزايا وعبقرية متفردة، أسست لنا هذا الكيان، وحدَّدت لنا معالم حياة مسؤولة تفيض بالخير العميم، مترعة بالأمن والأمان والاستقرار الذي لا نزال نتفيأ ظلاله الوارفة حتى اليوم، وسوف يستمر غرسه الطيب المبارك يؤتي أكله - إن شاء الله تعالى - إلى أن يرث اللهُ الأرضَ ومَنْ عليها. وإذ أؤكد هذا أتفق هنا نصاً وروحاً مع ما ذهب إليه سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، أعرف الناس بتاريخنا؛ إذ يؤكد أن الملك عبدالعزيز لم يأخذ حقه من الكتاب والمؤرخين، ليس لأنه رجلاً من رجال التاريخ فحسب، بل لما تميز به من صفات نادرة وما تركه من آثار وشواهد تدل على عبقريته وتفرده وزعامته في بلاده وفي العالمين العربي والإسلامي، بل وفي العالم ككل؛ فمنجزاته وجهوده ومناصرته لقضايا الحق والعدل والسلام توفر مادة غزيرة، تعجز آلاف الكتب عن تغطيتها والإحاطة بها؛ ولهذا سوف تستمر أجيال عديدة تكتب عن تلك المنجزات العظيمة. بالطبع هذا كله صحيح، غير أنه ثمة جانباً مهماً، بل غاية في الأهمية في سيرة الملك عبدالعزيز، أرى أنه لم يحظ بما يستحق من بحث واهتمام، إنْ لم يكن قد أُغفل تماماً، ذلك هو الجانب الإنساني الذي يُعدّ بحق أبرز سمات الملك عبدالعزيز - يرحمه الله- فالذي يقرأ عن قوته وإقدامه وقتاله وجهاده وحزمه وعزمه وصرامته يحسب أن رجلاً كهذا ليس في قلبه مكان للرحمة والرأفة والشفقة، لكن على العكس تماماً، كان الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - رحيماً بشعبه، حريصاً على وحدته وتعاونه وتآلفه وتراحمه وتوفير أمنه واستقراره، بل وتقدمه وازدهاره، لدرجة أن البعض كان يشبهه بمعاوية بن أبي سفيان في حلمه وبُعد نظره وسعة صدره وحُسْن حيلته في تصريف الأمور، ولم يكن يلجأ إلى حرب أبداً إلا إذا أُكره بعد استنفاد كل سبل الحلول السلمية. أما عنايته بالفقراء والمساكين، ورأفته بالضعفاء من رعيته، فقد حُكِيت فيها قصص تفوق الخيال، تكشف لنا عن قلب رقيق، يفيض رحمة وشفقة وعطفا وحناناً وحباً، يحمله هذا البطل بين جنبيه، هذا غير عنايته بأهل بيته وحرصه على توفير راحتهم، ورعايته لأبنائه وحرصه على تعليمهم وتدريبهم وإعدادهم للمستقبل وتأهيلهم. أجل، لقد نجح عبدالعزيز في غرس كل خصاله وصفاته القيادية في أبنائه البررة؛ فشبوا رجالاً بحجم المسؤولية التي اجتهد والدهم كثيراً في إعداهم لها؛ فورثوا عنه كل تلك الخلال الكريمة والصفات الحميدة، ولاسيما فيما يتعلق بالجانب الإنساني، حتى غدت بلادنا الحبيبة تُعرف اليوم ب(مملكة الإنسانية)، ويُعرف ملكها ب(ملك الإنسانية)، كما أن غير واحد من رجال الأسرة المالكة الكريمة قد عُرف ب(أمير الخير) و(أمير الإنسانية) و(أبو اليتامى) و(عدو الفقر) إلى غير ذلك من أسماء وألقاب استحقوها بكل جدارة. فهذا سيدي سمو ولي العهد الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز يُعدُّ مؤسسة خيرية قائمة بذاتها، وذاك سيدي سمو النائب الثاني الأمير نايف بن عبدالعزيز تنفق يمينه ما تجهل يساره، وذاك هو سيدي الأمير سلمان بن عبدالعزيز قد صار أميراً للإنسانية بسبب ما يضطلع به من أعمال خيرية عديدة بجانب عمله الرسمي، وغيرهم كثير من رجال الأسرة المالكة الكريمة ونسائها الذين يتنافسون في عمل الخير وخدمة مواطنيهم وأمتهم، بل والبشرية جمعاء. ويكفينا فخراً، بوصفنا سعوديين جميعاً، ذلك الأمر الملكي السامي رقم (أ/ 143) الصادر في تاريخ 29 رمضان 1431ه بشأن إنشاء مؤسسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود العالمية للأعمال الخيرية والإنسانية، تنثر الخير حيثما كانت هناك حاجة، في جميع أنحاء العالم دونما تفرقة بسبب عرق أو جنس أو لون أودِيْن، فتبني المساجد والمراكز الإسلامية وتدعمها، وتدعم جهود الحوار بين أتباع الحضارات والأديان وتشجعها وتساهم فيها، وتُعدّ البحوث والدراسات، وتدعم كل ما يتعلق بأغراض المؤسسة من جهود، ولاسيما ما يتصل بنشر معاني الوسطية والاعتدال والتسامح والسلام وتعزيز القيم الفاضلة، ونبذ العنف ومكافحة الجريمة بكل أشكالها، والاضطلاع بكل ما يتصل بتعليم الشريعة الإسلامية والتفقه في أحكامها، وإنشاء الجامعات والكليات والمدارس والمعاهد والمكتبات والمراكز بجميع أنواعها، وإنشاء المستشفيات والمصحات ودور العلاج والرعاية والتأهيل وإدارتها، وتخصيص الكراسي العلمية والبحثية باسم المؤسس في المؤسسات التعليمية، وتقديم المساعدات والمنح للباحثين والدارسين، وإقامة الدورات والندوات والمؤتمرات والمنتديات والمعارض والحلقات وورش العمل، وتشجيع أعمال الترجمة.. وتتضح أهمية هذا إذا أدركنا أن 50 % من كل الكتب المترجمة في العالم قد ترجمت من اللغة الإنجليزية إلى لغات أخرى، في حين لم يزد عدد ما تُرجم من كتب من لغات أخرى، بما فيها اللغة العربية، إلى اللغة الإنجليزية على 6 % فقط؛ الأمر الذي يحول دون إتاحة الفرصة لمتحدثي الإنجليزية لمعرفة هويتنا والاطلاع على جهدنا وإرثنا الحضاري والثقافي ودورنا في الحياة، وفي ذلك غبن شديد لنا، خاصة إذا أدركنا أن عدد القراء الذين يتحدثون الإنجليزية يفوق غيرهم ممن يتحدثون اللغات الأخرى مجتمعة، كما تنشر المؤسسة الكتب والمذكرات والدورات والتراجم، وتتعاون مع المنظمات والهيئات والمؤسسات والجامعات ونحوها من كيانات في الداخل والخارج، وتقدم المساعدات للمحتاجين، وتوفر لهم السكن، وتقيم المشروعات الإنتاجية، وتدعم مؤسسات الإقراض. أجل، ما كان لهذا كله أن يحدث لولا اهتمام الملك عبدالعزيز - يرحمه الله - بتأصيل هذه المبادئ الإنسانية في نفوس أبنائه وتربيتهم على حب الناس وعشق الخير، بعد أن امتلأت به جوانحه وفاضت به نفسه الطيبة الكريمة؛ فقد كان الرجل جواداً كريماً، وإلا لما استطاع غرس تلك القيم النبيلة في نفوس أبنائه وأفراد أسرته؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه. فها هو أمين الريحاني يصف كرم عبدالعزيز قائلاً: (لقد شاهدت معرض العطاء في الرياض، بل كنت أشاهده كل يوم مدة إقامتي هناك، وأعجب جدا، لا لكرم هذا الرجل، بل لإيمانه وثقته بالله، مصدر الخير وولي النعم التي لا تزول). فما وفد عليه قاصد، ولا زاره إنسان، من أبناء الصحراء إلى أصحاب الرئاسات والعروش من الرجال والنساء، وحتى الأطفال إلا حباه عبدالعزيز منحة أو أهدى إليه هدية تتناسب مع صفته في المجتمع ومع حظوته لديه، ومواقفه الإنسانية وأخباره في الكرم لا تُعدّ ولا تحصى؛ ولهذا رأيت أن أكتفي منها هنا بحكاية واحدة فقط، كلما تذكرتها أو قرأتها استحضرت عظمة هذا البطل الفذ ورقة قلبه، وصادق عطفه وحنانه على رعاياه الذين لم يكن يرى أي فرق بينهم وبين أبنائه؛ فقد عُرف عنه - يرحمه الله - أنه كان يجعل إلى جانبه في أسفاره البعيدة، حيث ينتقل بين القبائل، كيسين أحدهما للنقود الفضة، والآخر للنقود الذهبية، وحدث ذات مرة أن أقبل على سيارته أعرابي هرم، فمد الملك يده الكريمة يريد كيس الفضة، وأخرج منه قبضة، لكنها كانت من كيس الذهب، وبعد برهة من التردد دفعها إليه، ثم لاحظ أنه أعمى، فقال له: «ترى اللي أخذته ذهب، لا يضحكوا عليك». ثم التفت إلى من كان خلفه من مرافقيه في السيارة قائلا: سبحان الله، أردت أن أعطيه بعض الأريل، ودخلت يدي في كيس الذهب، فلما أخذت منه راودتني نفسي أن أرده وآخذ من كيس الفضة، ولكنني قلت: هل تكون يدي أكرم مني؟! لكن أعجب من هذا كله أن عبدالعزيز - طيب الله ثراه - لم يكن يرى أنه كريماً، كما هو واقع الحال وكما عرفه جميع الخلق؛ إذ قال يوماً لبعض جلسائه: «يقول الناس إنني كريم، وما أنا بكريم؛ إنني أعطي حين يجب العطاء، وأمنع حين يجب المنع». وهو بهذا يضيف إلى الكرم العقل ووضع الشيء في موضعه الصحيح، وإن كان لم يقصد هذا المعنى حين وصف نفسه، فلله درك أبا تركي! وبعد: لقد حفزني لكتابة هذا المقال اليوم كتاب صدر حديثاً عن دارة الملك عبدالعزيز لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، يؤكد فيه أن تاريخ الملك عبدالعزيز لا يقتصر على جوانب الكفاح وإنجازات التوحيد والبناء فحسب، التي هي بكل تأكيد على قدر عال من الأهمية، وقد أدركها الجميع، وكتب عنها المؤرخون وتناولتها كتب السير، بل ثمة جوانب كثيرة تظهر فيها شخصية الملك عبدالعزيز الإنسانية، لم تجد حظها من البحث والدراسة والتحليل، وأنا هنا أضم صوتي إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، الذي يعترف له الجميع بأنه أعرف الناس بتاريخنا وأحرصهم عليه من التزييف والتحريف، مناشداً المؤرخين والباحثين والمهتمين بشأن التاريخ؛ لينقبوا لنا في سيرة هذا البطل الفذ فيوافونا بأخباره على الصعيد الإنساني؛ لنورثها الأجيال القادمة الذين من حقهم علينا أن يعرفوا كل شاردة وواردة عن مؤسس دولتهم، وباني نهضتهم، وصانع وحدتهم، ومسطر تاريخهم المجيد. من جهة أخرى، جميل أن نحتفي كل عام بل كل يوم بجهاد الملك عبدالعزيز وكفاحه الذي تمخض لنا في النهاية عن وطن شامخ صار اليوم قبلة الأوطان، ينعم فيه الإنسان بكل خير وأمن واطمئنان، بل إنَّ خيره فاض - بحمد الله وتوفيقه - ليعم سائر بني الإنسان حيثما كان دون اعتبار لجنس أو عرق أو لون أو دين. أجل، جميل أن نحتفي كل عام بمؤسس دولتنا وصانع مجدنا وتاريخنا، غير أنني أرى أن ندلف، مع هذا الاحتفاء الذي هو أضعف الإيمان تجاه ما قدمه لنا الملك عبدالعزيز، إلى شيء يكون أكثر نفعاً لروحه الطاهرة؛ لأنه ضحى بكل شيء من أجلنا. وصحيح أن أبناء عبدالعزيز - يحفظهم الله - لم يقصروا في حق والدهم، وعلى رأسهم مولاي خادم الحرمين الشريفين الذي أنشأ مؤسسة خيرية قائمة بذاتها خاصة بوالديه الكريمين صدقة جارية - إن شاء الله - لكن نحن المواطنين علينا أيضاً أن نفكر في كل عام في عمل خيري، يرافق حديثنا عن عبدالعزيز، ينتفع به المحتاجون منا؛ فنؤسس في كل عام جمعية خيرية في منطقة من مناطق بلادنا، نهب ثوابها لروح عبدالعزيز الطاهرة الزكية، صدقة جارية، وفاء لجهاده وتقديراً لتضحياته وإنجازاته العملاقة التي ستبقى خالدة شاهدة على بطولته وتفرده وتميزه ما تعاقب الليل والنهار - إن شاء الله - وهذا لعمري أقل ما يمكن أن نقدمه من واجب الشكر لهذا البطل الفذ والرجل الصالح الذي أنقذنا من براثن الفُرْقة والشتات إلى دفء الوحدة والتعاطف والتكافل والتآزر، حتى صرنا كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر. وعليه أتقدم باقتراحي هذا من خلال هذا المنبر لدارة الملك عبدالعزيز؛ لكي تشرع في تشكيل لجان خاصة في كل منطقة من مناطق بلادنا، تعلن في كل يوم وطني ميلاد جمعية خيرية تحمل اسم المؤسس تكفل اليتامى هنا وتعين الشباب على الزواج هناك وتساعد المحتاجين في مكان آخر... إلخ. وقبل أن أختم: أكرر دعوتي للمؤرخين والباحثين والمهتمين بشأن تاريخنا المجيد، أن يجدوا في كتاب سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز (ملامح إنسانية من سيرة الملك عبدالعزيز) نبراساً للبحث والتنقيب في سيرة الملك عبدالعزيز الإنسانية، فيتحفونا بما احتوت عليه تلك الشخصية الفريدة النادرة، التي كانت تتمتع بطاقة الشموس الكبيرة، فمنحت صاحبها القدرة على إدخال أي كائن يقترب منه في فلكه؛ ليتحول إلى كوكب يدور سعيداً حوله. أجل، يستحق عبدالعزيز أكثر من هذا؛ لأنه كان بحق أُمّة وحده. فرحمك الله أيها البطل الهمام؛ إذ ملأت سمع الدنيا وبصرها بعدلك وشجاعتك وحلمك وتواضعك وكرمك الذي أدهش الكرام، وجودك الذي تواضع أمامه الجود. * مدير إدارة الثقافة والتعليم للقوات المسلحة