يصرخ الطفل أبي أرجوك احمني أنقذني من هذا الرصاص المجنون، أبي لا أريد أن أموت، أريد أن أعود الى البيت الى أمي الى اخوتي، أبي الرصاص يتواصل يبحث عن جسد يخترقه، أبي سوف نموت أرجوك أبي افعل شيئا. ابني حبيبي جسدي وعمري لك فداء سأحتضنك وأكون لك الدرع الواقي من هذا الرصاص، أبي اني خائف خائف، ويبقى الأب المنزوع السلاح بجسده الدافئ وصدره الحاني يحاول حماية ابنه وان يهدئ من روعه وهو يعرف انه لا سبيل غير ذلك، فهو أمام قلوب نزعت منها الرحمة قلوب لا تعرف قيمة أن يكون الانسان انسانا، وفجأة يصمت الاثنان والرصاص ما زال يواصل نزفه الاجرامي، لقد مات الطفل في حضن والده، مات وهو يتوسل له بأن ينقذه وان يعود به الى البيت، مات وهو لم يعرف لماذا قتل، ولكن ماذا عن والده فهو كالحي الميت الذي تمنى أن تكون الرصاصة من نصيبه فهو في حالة يرثى لها، فلقد مات من يمسح الدمعة لأجله، مات من بابتسامة يغسل تعبه، وأين مات؟ مات في حضنه مات وهويسمع دقات الخوف في قلبه ويرى رهبة الموقف في عينيه، هذه ليست قصة من وحي الخيال، انها حقيقة عشناها من خلال شاشات التلفاز مع ذلك الطفل الفلسطيني الذي مات شهيدا برصاصة اخترقت عمق طفولته، أين هي الانسانية من ذلك الطفل أين هي الانسانية التي يحارب بها شعب منزوع السلاح لا يمتلك الا حجر أرضه، يقذف به قلوب الصهاينة التي تزداد شراسة يوما بعد يوم، أين هي حقوق الانسان من ذلك المشهد المريع الذي أدمى قلب كل مسلم، فنحن نرى جمعيات الرفق بالحيوان تعاقب من يجرؤ على ضرب أو تجويع أو دهس أي حيوان فتدخل قضايا الحيوان في اطار المحاكم ويجعل لذلك الحيوان محاميا يتحدث باسمه عن نوع الأذى الذي تعرض له، هل انقلب الوضع رأسا على عقب وأصبح الانسان أرخص من الحيوان، أرجو أن يستيقظ ضمير العالم ويعيد الحق لأصحابه. هدى الجهني