ما هو الغرض.. وما هو الهدف من المنح؟ وأعني بذلك.. منح الأراضي؟ أليس الهدف منها.. هو حل مشكلة الإسكان وتمكين المواطن من الحصول على مسكن يليق به.. أو على الأقل يؤويه؟ هذا.. هو الهدف من منح قطع الأراضي السكنية للمواطنين.. ولكن الملاحظ.. أن هذا الهدف يغيب عندما تُدرك مجموعة من العوامل: أولاً.. أنك تُقدم طلبك الآن كشاب في العشرين أو الثلاثين تطلب منحة أرض.. ثم يجاب طلبك بالمنح بعد أكثر من عشر سنين.. وربما تزيد.. لتمنح أرضاً تبعد عن المدينة عشرات الكيلومترات. ثانياً.. هذه الأرض التي تبعد عن المدينة عدة كيلومترات.. وفي أرض بيضاء (في البراري) متى سيصلها العمران؟ لا يمكن أن يصلها العمران.. إلا بعد ثلاثين سنة على الأقل.. وإذا أضفنا إلى الثلاثين العشرين السابقة.. صارت خمسين سنة أضف إليها (15) سنة.. هي المدة التي يفرضها صندوق التنمية العقاري للحصول على قرض مسكن.. لتصبح المدة (65) سنة.. أضفها إلى عمرك عند التقديم.. أو متوسط العمر وهو (25) سنة.. لتصبح تسعين سنة.. بمعنى أنك ستحصل على مسكن بعد قرن.. ولا أدري.. كم قرن في عمر الإنسان! هذه المنح البعيدة.. أو هذه الأراضي التي مُنحت في مناطق صحراوية وعرة تعجز أحياناً (الجيوب) عن بلوغها.. هي مجرد سوق لجماعة (نشتري ونبيع في المنح). هناك.. تجد صنادق لهؤلاء.. وفي الصحف تجد إعلانات لهم يضاربون في أراضي المنح.. وبدلاً من أن يكون السعر الطبيعي للمنحة خمسة آلاف ريال أو دون ذلك.. يوصلون سعرها إلى أكثر من ذلك عن طريق المضاربات الوهمية.. وعن طريق (بورصة) عقار غير متطورة.. فهذه المنح.. هي مجرد تغذية لسوق هؤلاء.. القائم على المضاربات الوهمية. أراضي المنح تلك.. أو (منح البلدية) كما يسمونها.. لا يعرفها.. إلا أهل الكشتات.. ولا يعرفها.. إلا أصحاب القلابات.. وأصحاب أحواش (الخلفات)!! ثالثاً.. ثم دعونا لنقطة أخرى.. وهي نقطة ثالثة في موضوعنا تجعل الاستفادة من هذه الأراضي متعذرة.. وهي أنك - مثلاً - لو قررت بناء هذه الأرض والسكنى في البراري.. قررت أن تسكن في البر.. وتقدمت للأمانة طالباً فسح بناء.. فسيجيبونك على الفور: (لا). لماذا أيها الأمانة؟!! لماذا (لا)؟ بكل بساطة.. أنت خارج النطاق العمراني؟! عجباً.. ما هذا التناقض؟ تمنحونني أرضاً سكنية للسكنى.. ثم تعترفون بأنها خارج النطاق العمراني.. وترفضون منحي حصة بناء؟ ! لماذا أصلاً تقدمون على منحي أرضاً في البراري ولا يمكن سكناها؟ أليس من المفترض أن تمنحوني أرضاً داخل النطاق العمراني حتى ولو كانت مئة متر؟ إن هناك حلاً لمشاكل المنح.. ومشاكل صندوق التنمية العقاري.. ومشاكل الإسكان.. وهي أن يتولى صندوق أو هيئة أو جهة تشييد مساكن.. شقق.. أو فلل صغيرة تباع على المواطنين بالتقسيط.. فالناس اليوم.. مهيأة لسكنى الشقق حتى لو كانت خمسين متراً. الشباب اليوم.. يريدون أي (مأوى) مهما كان حجمه. بوسع جهات الإسكان أن تُشيد عشرات العمائر الضخمة في أطراف المدينة ومن كل جهة.. وتبيع هذه الشقق على الشباب بالتقسيط.. وتُنهي مشاكل المنح ومشاكل صندوق التنمية العقاري ومشاكل الأمانات.. وكل المشاكل الأخرى.