نوه معالي نائب وزير التعليم العالي الدكتور علي بن سليمان العطية بالتحولات التاريخية التي أحدثها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في مسيرة التعليم العالي بالمملكة معتبراً انتشار مؤسسات التعليم العالي في المناطق والمحافظات وبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي ورعاية طلابه من أبرز شواهد طفرة التعليم العالي. وأوضح معالي الدكتور العطية أن الوزارة سعت للتأسيس لجامعات في جميع مناطق ومحافظات المملكة بفضل الله ثم بفضل ما يجده التعليم العالي من دعم سخي ورعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين والنائب الثاني وبمتابعة من معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري وقامت الوزارة بتصميم ومتابعة تنفيذ عدد من مجمعات الكليات الجامعية في محافظات المملكة تضم عدداً من الكليات وإسكان أعضاء هيئة التدريس والتي تحولت إلى جامعات مشيداً بالدعم الذي تجده الوزارة من وزارة المالية في تنفيذ هذه المشاريع. وأشار الدكتور العطية في حديث (للجزيرة) إلى أن المدن الجامعية ومجمعات الكليات الجامعية التي تنفذها الوزارة حالياً صممت على غرار أحدث التصاميم الجامعية العالمية مؤكدا أنه لن يبدأ العام الدراسي القادم بإذن الله إلا وقد انتقلت عدد من الكليات في بعض الجامعات إلى المدن الجامعية الجديدة. وفيما يلي نص حوار (الجزيرة) مع معالي الدكتور العطية.. شهدت مسيرة التعليم العالي بالمملكة خلال السنوات الخمس الماضية قفزات كمية ونوعية بدعم سخي ورعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. ما هي أبرز ملامح هذه الطفرة الحضارية؟ - في الواقع أن مسيرة التعليم العالي تشهد على مدى التحولات التاريخية التي حدثت في قطاع التعليم العالي في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله- ولعل من أبرز الشواهد على ذلك دعمه السخي - حفظه الله - لإنشاء جامعات وكليات جامعية في شتى أنحاء مملكتنا الحبيبة تتيح لأبناء الوطن الغالي وبناته فرص التعلم في مقر إقامتهم وهو ما يعكس حرص القيادة الرشيدة وسعيها لتوطين التعليم العالي في مناطق المملكة ومحافظاتها وتنميتها فقد زاد عدد الجامعات الحكومية من (8) جامعات إلى (24) جامعة تضم (440) كلية في مختلف التخصصات و(9) جامعات أهلية، كما زاد عدد المحافظات التي تضم كليات جامعية عن (80) محافظة بعد أن كانت محصورة في (17) محافظة وشيدت المدن الجامعية العملاقة في المناطق والمحافظات. كما أن برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للابتعاث الخارجي الذي يشهد وثبة غير مسبوقة تتيح لعدد كبير من أبنائنا وبناتنا أن ينهلوا من معارف الأمم في كل مكان من العالم ليعودوا بإذن الله أعضاء نافعين لأنفسهم ووطنهم وقيادتهم السامية الرشيدة إيماناً منه - حفظه الله- بأن عائد الاستثمار البشري أكبر من الموجودات المادية حيث شهد البرنامج خلال الخمس سنوات الماضية توسعاً كمياً ونوعياً في شؤون الابتعاث لم يشهده تاريخ المملكة على مدى العقود الماضية، من حيث أعداد المبتعثين وتنويع دول ومؤسسات التعليم المبتعث لها، وتنوع التخصصات التي تتوافق واحتياجات سوق العمل وخطط التنمية الوطنية وقد أتاح هذا البرنامج لأكثر من (80) ألف مبتعث ومبتعثة فرصة الدراسة واكتساب المعارف والمهارات وتحقيق الامتداد الثقافي بين المملكة العربية السعودية والحضارات الأخرى من خلال أكثر من (25) دولة في العالم فالبرنامج استثمار في الإنسان السعودي الذي هو محور التنمية الحقيقية. وقد حظي أبناؤنا الطلبة الدارسون في الخارج - مبتعثين ودارسين على حسابهم الخاص- برعاية أبوية كريمة ودعم سخي من خادم الحرمين الشريفين- حفظه الله- فقد صدرت توجيهاته- أيده الله- بإلحاق أبنائنا الطلاب والطالبات الدارسين حالياً والمنتظمين بدراستهم على حسابهم الخاص في المعاهد والجامعات في الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا وأستراليا ونيوزيلندا بعضوية البعثة، فهذا الدعم السخي يؤكد مدى العناية والرعاية السامية الكريمة، اللتين يلقاهما أبناء هذا الوطن وبناته الدارسون في الخارج من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني- حفظهم الله - وحرصهم على توفير سبل الرخاء للطلاب والطالبات ليعودوا أعضاء فاعلين في هذا الوطن المعطاءة وهذه المكرمة سبقتها مكارم عديدة لأبنائنا الطلاب والطالبات، حيث تفضل خادم الحرمين الشريفين -رعاه الله- بزيادة مكافآت الطلاب المبتعثين بمعدل 50% وذلك أثناء لقائه -أيده الله- بمجموعة من الطلاب السعوديين المبتعثين إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية وسبق ذلك صدور الموافقة السامية على زيادة المكافأة الشهرية للمبتعثين في الخارج بنسبة 15% وتثبيت سعر صرف الريال مقابل عملات الدول التي تأثر المبتعثون بتذبذب سعر الصرف فيها بالإضافة إلى زيادة المشمولين من أبناء المبتعثين بالمكافأة من اثنين إلى أربعة. كما أن من شواهد طفرة التعليم العالي إقرار حوافز إضافية لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية الذين هم العنصر الأكثر قدرة على التأثير في التطور والتقدم المنشود وسيكون لذلك أثر كبير على عطاء هؤلاء ومنجزاتهم العلمية في المستقبل وتشجيعهم لتحقيق جملة من الغايات لتعزيز التميز في الجامعات وتشجيع الانخراط في التخصصات النادرة والعمل في الجامعات الناشئة. كما كان للبحث العلمي في الجامعات السعودية نصيبه في هذه الطفرة النوعية شملت حقولاً متقدمة «كتقنيات النانو» كما تم إنشاء مراكز للتميز البحثي في الجامعات بدعم من وزارة التعليم العالي. ومن شواهد نهضة التعليم العالي إنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية لكي تكون منارة عالمية للعطاء العلمي والتقني. يشهد التعليم العالي حالياً نهضة غير مسبوقة من حيث إنشاء مدن جامعية في جميع مناطق المملكة، ما ملامح هذه النهضة؟ - تنظر وزارة التعليم العالي إلى التطوير باعتباره عملية متكاملة تشمل كافة جوانب العملية التعليمية، ومن هنا فقد حرصت الوزارة على تأسيس وتحديث البنى الأساسية في الجامعات وبمساحات تلبي حاجات اليوم وتستوعب متطلبات التوسع المستقبلي، وعملت الوزارة على وضع تصاميم هذه المدن والمجمعات وفق أحدث التصاميم الجامعية العالمية، وبدأت في تشييد هذه المدن في كل من جازان والباحة والجوف وتبوك وحائل ونجران والحدود الشمالية والخرج والمجمعة وشقراء، وبفضل الله فإن نسبة الإنجاز المتحققة عالية جداً، ولن يبدأ العام الدراسي القادم بإذن الله إلا وقد انتقلت عدد من الكليات في بعض الجامعات إلى المدن الجامعية الجديدة، وأود هنا أن أوجه خالص الشكر والتقدير لمعالي وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف ووكلاء الوزارة والعاملين في قطاع القوى العاملة على دعمهم لمشاريع التعليم العالي وهم شركاء في النجاح الذي حققه التعليم العالي. ما هي خطط الوزارة لتوطين التعليم العالي في جميع المحافظات؟ - الوزارة ماضية في خططها الرامية إلى توطين التعليم العالي من خلال التوسع في تأسيس الجامعات في جميع مناطق ومحافظات المملكة، وبتوفيق الله- عزَّ وجلَّ- ثم بدعم سخي من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين، والنائب الثاني تحقق الكثير من هذه الخطط، وقد أدى نجاح الوزارة في توطين التعليم العالي ولله الحمد إلى تغيرات إيجابية اقتصادية واجتماعية وتنموية في العديد من مناطق المملكة؛ فقد بدأنا نشهد هجرة معاكسة من المدن الكبرى كالرياض ومكة المكرمةوجدة إلى المناطق والمحافظات الأخرى سواء من الطلاب أو من أعضاء هيئة التدريس الذين تحولوا إلى العمل في الجامعات الناشئة، خصوصاً بعد الحوافز المالية المقدمة لمن يعمل في هذه الجامعات كما قامت الوزارة بتصميم ومتابعة تنفيذ عدد من مجمعات الكليات الجامعية في محافظات المملكة تضم عدداً من الكليات وإسكان أعضاء هيئة التدريس والتي تحولت إلى جامعات. أطلقت وزارة التعليم العالي برنامج الريادة العالمية.. كيف ترون أثره على الجامعات، وخصوصاً الناشئة منها؟ - برنامج الريادة العالمية في الجامعات السعودية هو برنامج رائد يهدف إلى تحقيق نقلة نوعية في مؤسسات التعليم العالي في المملكة من خلال دعم جهود الجامعات السعودية لتعزيز سمات الريادة العالمية فيها، وتطوير أدائها، ورفع مستوى اهتمامها فيما تطرحه من مبادرات وما تدشنه من مشروعات، مع الحرص على تحقيق مرحلة متقدمة من الشراكة المجتمعية تنقل هذه الشراكة من إطار المجتمع المحلي إلى الشراكة مع المجتمع الدولي، وذلك بما ينعكس على أداء جامعاتنا ورؤاها ومعاييرها وممارساتها بالإيجاب والنمو والتطور. والنتائج الإيجابية المتوقعة لهذا البرنامج لن تستثني الجامعات الناشئة، بل إن الخطة التنفيذية للبرنامج راعت وضع هذه الجامعات بشكل خاص عبر تحديد مسارين للدعم، أولهما: مبادرات مقترحة من الوزارة للجامعات، والآخر مبادرات مقترحة من الجامعات. والهدف من وضع المسارين هو توفير المرونة والتعامل بواقعية بما يتوافق مع جاهزية الجامعات نحو الانطلاق لتحقيق الريادة العالمية. فالجامعات التي قطعت شوطا واضحا نحو التميز والعالمية، سيتيح لها المسار الثاني الانطلاق وبشكل متسارع نحو إكمال مشروعاتها بدعم ومؤازرة من الوزارة، أما الجامعات التي ما زالت في بدايات توجهها للعالمية أو هي في مراحل التأسيس، فالوزارة هي التي ستأخذ زمام المبادرة من خلال اقتراح مشروعات جاهزة ضمن المسار الأول. وأود أن أشير بهذه المناسبة إلى أن هذا البرنامج هو تتويج للجهود التي بذلتها الوزارة منذ وقت مبكر لتطوير الجامعات السعودية، وتحقيق الريادة لها على المستوى العربي والإسلامي والعالمي، وذلك من خلال دعم وتمويل العديد من المشروعات التطويرية في هذه الجامعات ومنها على سبيل المثال لا الحصر: نشر ثقافة التخطيط الاستراتيجي ووضع خطط إستراتيجية للجامعات، وبرامج التوأمة مع جامعات مرموقة، وبرامج الكراسي البحثية، وبرامج استقطاب الباحثين وأعضاء هيئة التدريس المتميزين، بالإضافة إلى دعم إنشاء مراكز التميز البحثي في عدد من الجامعات، وتنفيذ مشروع تنمية الإبداع والتميز لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات، ومشروع تطوير قواعد المعلومات وتحديث البيانات الإلكترونية للجامعات بما في ذلك تسهيل قنوات الحصول على المعرفة عبر البوابات الإلكترونية، وغيرها من البرامج والمشروعات ذات العلاقة. كيف ترون فرص الجامعات السعودية في تحقيق مراكز متقدمة في التصنيفات العالمية؟ - نحن في وزارة التعليم العالي لا ننظر إلى التصنيفات باعتبارها هدفا بحد ذاتها، وإنما هي مؤشر على حجم التطور والتميز وتحقيق الجودة في التعليم العالي، ولذلك فقد سعدنا بالإنجاز الذي حققته جامعة الملك سعود بدخولها تصنيف شنغهاي كأول جامعة عربية تحقق هذا الإنجاز العالمي، وهو يضاف إلى إنجازات سابقة حققتها الجامعات السعودية على قائمة بعض التصنيفات العالمية المشهورة مثل تصنيف ويبوماتركس الإسباني، ودخول جامعة الملك سعود وجامعة الملك فهد ضمن أفضل (300) جامعة عالمية في تقويم (كيو إس التايمز) لهذا العام، ونتوقع أن تحقق الجامعات السعودية مزيداً من التقدم بإذن الله، لكن تطلعاتنا في الحقيقة تتجاوز هذه التصنيفات رغم أهميتها إلى رفع مستوى جودة الأداء في مؤسسات التعليم العالي، وتحقيق التميز على كافة المستويات الأكاديمية والبحثية والخدمات المجتمعية، ودعمها لتحقيق الريادة العالمية في مختلف المجالات والتخصصات. ماذا أعدت الوزارة لتوظيف المبتعثين؟ - وزارة التعليم العالي وضعت هذا الأمر في اعتبارها منذ البداية، حيث حرصت على إلحاق هؤلاء المبتعثين بأفضل الجامعات العالمية، وفي تخصصات روعي فيها أن تتوافق مع احتياجات سوق العمل في القطاعين العام والخاص، وتم التنسيق مع الجهات ذات العلاقة بما فيها وزارة الخدمة المدنية، ووزارة العمل، ووزارة المالية، والغرف التجارية لتهيئة المجال لاستيعاب مخرجات البرنامج، وما من شك أن الحراك التنموي الذي تعيشه المملكة في كافة المجالات بحاجة إلى الكوادر السعودية التي تمتلك التأهيل والخبرات المتعددة والمطلعة على الكثير من التجارب العلمية التي يوفرها البرنامج، وعلى سبيل المثال فإن الجامعات والكليات الجامعية التي عملت الوزارة على نشرها في جميع مناطق ومحافظات المملكة بحاجة ماسة إلى أعضاء هيئة تدريس من السعوديين المؤهلين، لذا فإن من المتوقع أن يستوعب الحراك التنموي في بلادنا خريجي البرنامج الذين سيكون لهم دور بارز في تحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين حفظه الله.