حينما تضع إصبعك على زر التجول بين القنوات الفضائية في ساعة متأخرة من الليل أو في ساعات الفجر تُفاجأ بأن سيل عرم من قنوات الأطفال تهرول بين الأقمار الصناعية دون رقيب، وأكاد أجزم بأن الشخصيات الكرتونية أكثر نشاطاً وحراكاً في هذه الساعات من ساعات النهار الأولى ثم ماذا.. الطامة الكبرى دروس في الإنحلال والمناظر المخزية وقلة الأدب. أولاً ماذا تفعل قناة أطفال، يفترض أنهم يغطون في سبات عميق منذ التاسعة، هل هذه القنوات حينما تكون مفتوحة طوال الليل تعتبر دعوة للسهر وإرهاق عقل الطفل وإشغاله ليكون دمية في أيدي مروجي القنوات الفضائية، والهدف.. غزو فكري تكتيكي سنجني حنظله غداً. أم أن القضية نشر سموم في أوردة الأطفال، لا يهم التوقيت بقدر ما تهم النتائج فقنوات الأطفال مفتوحة أربع وعشرين ساعة تكرر نفس البرامج ونفس المناظر تحاكي الإله وتتقمص قدراته، تضحك على العقول تنزل المطر وتنبت الشجر وتحيي وتميت تعلم الحب والجنس وتؤجج الشهوات وترقص على أنغام الرذيلة وتخلق القناعات الغريبة لدى الطفل وتجرد الأطفال من طفولتهم غير ذلك لا هدف يذكر سوى ماتعتقده كثيراً من الأمهات الجاهلات، المتعة فقط لا غير. وتحمد الله على هذه القنوات الفضائية التي جعلت ابنها مربوطاً أمام التلفاز ولم تكلف نفسها مرة واحدة أن تجلس بقربه لتعرف ماذا يضُخ في هذا الرأس الصغير من أفكار، ولم تسأل نفسها مرة واحدة ما سر هذا الفرط في الحركة والعدوانية في السلوك، ولم تنسب هذه التغيرات في سلوك طفلها إلى هذه القنوات الفضائية لأن هذه القنوات تحل إشكالاً بالنسبة لها فهي تقيد طفلها لكي تنام وتمارس هوايتها في الجري بين البيوت، هذه القنوات تحمل عنها مسؤوليتها تجاه الأطفال فهي في نظرها بريئة مما يقولون. يا سيداتي الأمهات الفاضلات لا تقاطعن التلفاز ولا تشفرن قنوات الأطفال لست أطلب ذلك، ولكن كلفي نفسك بأن تجلسي مع طفلك ساعة واحدة تعرفين من خلالها ماذا يرى، ماذا يتعلم، ماذا يحاك له، أنا لا أقول كل ما يبث مخالفاً للفطرة هناك أشياء قد تكون نافعة ومسلية، لكن حاولي أن تتدخلي في المعلومة التي تضح في دماغ ابنك وتحدد اتجاهاته، حددي وقت التلفاز وركزي على البرامج التعليمية والترفيهية لا تتركي الحبل على الغارب فلا جبل يعصمك من أمر الله. يا أصحاب القنوات الفضائية الخاصة بالأطفال هل أطفالكم يشاهدون ما يبث من سموم في هذه القنوات؟! اتقوا الله في أطفالنا، اغلقوا هذه القنوات في وقت مبكر وهذِّبوا برامجها فأنتم تساهمون في إعداد جيل قادم.
