مثّلت الحدود الشرقيةلمكةالمكرمة هاجساً كثيراً ما أرّق الجهات الرسمية في العاصمة المقدسة، إذ تحفل تلك المساحات الشاسعة بكثير من الممارسات الخاطئة، ولّدت سلسلة تبعات سلبية لجملة من الأخطاء السابقة صيّرت تلك الأراضي وجهة للباحثين عن «الثراء السريع»، والراغبين في الظفر بأكبر جزء من كعكة «الثورة العقارية». إذ كثيراً ما يختلط حابل الأمور بنابلها في نزاعات مستدامة، تطورت بعد استيلاء مواطنين على أراضِ حكومية تعود ملكيتها إلى وزارة المالية والاقتصاد الوطني وجهات حكومية أخرى عدة، ولم تنته أزمة «شرق مكة» حتى الآن. وكشف أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة بن فضل البار ل «الحياة»، أن مساحات شاسعة من الأراضي الحكومية البيضاء في شرق مكة تعرضت لأعمال الاستيلاء والتطويق وإقامة البناء عليها من فئات عملت في الخفاء لاستغلال الفترة الزمنية المخصصة لتنفيذ مشروع توسعة وتحسين طريق مكةالمكرمة – الهدا «الكر»، لتصعيد وتيرة نمو النطاق العمراني من دون أحقية شرعية أو وجه نظامي ما استدعى التدخل الفوري والسريع للجنة مراقبة الأراضي وإزالة التعديات في مكةالمكرمة لمعالجة الأوضاع، «عقب تلقي أوامر صريحة ومشددة من أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل تهدف إلى الحفاظ على الممتلكات العامة وصيانة الأراضي البيضاء من عبث التلاعب مثل ما حدث أخيراً. إذ نفذت أعمال إزالة كاملة للبناء على كامل أجزاء الأراضي بطول مجرى عين زبيدة». وأوضح أمين العاصمة المقدسة أن اللجنة أنهت أعمال الحصر والإزالة مع بداية مهمتها في شهر شوال الماضي، شملت إزالة تعديات المباني كافة، «بداية من مناطق وادي لية والضواحي الشرقية لهجر مركز أم الراكة ومناطق وادي نعمان وجميع أجزاء الأراضي الممتدة على جانبي طريق مكةالمكرمة – الهدا (الكر)، وفق آلية عمل وجدولة زمنية تحقق الهدف المنشود وتكفل سرعة إنجاز ما كلف به أمير المنطقة». وشدد الدكتور البار على عدم التهاون في تطبيق لوائح الأنظمة والقوانين المنصوص عليها لأعمال البناء على أراضي مكةالمكرمة، وحذر من مغبة الوقوع في فخاخ التلاعب أو مخالفة الأنظمة. وتشهد أرجاء شاسعة من شرق مكةالمكرمة توسعاً كبيراً في أعمال البناء والتشييد، حيث لم تقتصر محاولات «المستولين» على عمليات بناء منازل وأحواش واستراحات ومزارع فقط، بل تمادى «آخرون» طرحوا عدداً من المخططات السكنية، تباع أراضيها عبر وثائق من دون صكوك شرعية، عبر عقود موثقة من مكاتب عقارية استحدثت هناك. ويتراوح سعر قطعة الأرض هناك بين 45 إلى 80 ألف ريال. في حين يبدي مئات المواطنين تذمرهم وامتعاضهم لفقدان أموالهم ووقوعهم في شراك النصب، نتيجة اعتقادهم بشرعية تلك الأراضي، ونظامية عملية البيع، قبل أن يتبين أنها تخص جهات حكومية ومنها المخططات السكنية الواقعة بطول مجرى عين زبيدة. إلى ذلك، أكد رئيس لجنة مراقبة الأراضي وإزالة التعديات في مكةالمكرمة سعود الشيباني ل«الحياة» حصر وإزالة 200 موقع متفرقة تشكل السواد الأعظم لنطاق البناء والتعدي على الممتلكات الحكومية في غضون الفترة القليلة الماضية. إذ تمت أعمال الإزالة لمواقع مخططات سكنية عشوائية ومنازل أفراد ومزارع وأحواش وعقوم الرمل وتسوير وتطويق بالأسلاك الحديدية والطوب طال بعض الأراضي الحكومية. مشيراً إلى أن اللجنة تعمد إلى الوقوف على الموقع والتأكد من ملكيته لمصلحة الجهات الحكومية أولاً، قبل أن تبدأ عمليات الإزالة على الفور حال تأكدها من ذلك، كاشفاً أن جهات الاختصاص تنظر حالياً في استفسار رفعته اللجنة أخيراً حول الملكية الشرعية لأربعة مخططات سكنية بمساحات كبيرة جداً، طرحت للبيع، وسرى في معظم أطرافها العمران. وأضاف أن المجموعات الميدانية للجنة تواصل أعمالها وتواجه مصادمات وتهديدات يومية، فضلاً عن تلفظ وتطاول بعض الأفراد سواء من المستولين على تلك الأراضي والمخططات أو من غرر بهم ليشتروها، عليهم بشكل متواصل.