انقضت المهلة الزمنية الأولى التي حددها الكونغرس الأميركي، من دون تسلّمه نص اتفاق بين إيران والدول الست المعنية بملفها النووي، ما يعني أن فترة مراجعة الاتفاق ستُمدَّد إلى 60 يوماً، بدل 30، في حال التوصل إلى تسوية. هذه النكسة أحاطتها في واشنطن أجواء من السلبية في شأن المفاوضات، وتلميح من البيت الأبيض والكونغرس باستعدادهما للمضي في الخيار الثالث، وهو تمديد الاتفاق المرحلي المُبرم في جنيف عام 2013، إذا لم تتخذ طهران «قرارات بنّاءة». السلبية الأميركية جاءت بعد محطات حاسمة هذا الأسبوع للمفاوضات، بينها طلب الوفد الإيراني رفع حظر فرضه مجلس الأمن على تسلّح طهران وبرنامجها للصواريخ البالستية، في ما اعتُبِر أميركياً خطوة تصعيدية لنيل تنازلات في اللحظة الأخيرة، والضغط على وزير الخارجية جون كيري الملزم بمهلة الكونغرس. وكان الرد من الإدارة والكونغرس في آنٍ، إبلاغ كيري في اتصال مع السيناتور الجمهوري بوب كوركر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، أن «نوعية الاتفاق أكثر أهمية من المهلة»، وأن تقديم مزيد من التنازلات سيعرقل حظوظه في نيل تفويض تشريعي. هذه الرسالة سمعها أيضاً الرئيس باراك أوباما من النواب الديموقراطيين والجمهوريين الثلثاء، اذ كشف السيناتور ديك ديربن أن الرئيس شدد خلال اللقاء على نوعية الاتفاق، مؤكداً انه لن يقبل اتفاقاً سيئاً، ووضع نسبة إنجازه ب «أقل من 50 في المئة». تريّثُ أوباما وتجاهله مهلة الكونغرس، هدفه الحفاظ على موقع القوة في المفاوضات، وفسّر ذلك السفير الفرنسي في واشنطن جيرار آرو، اذ كتب على موقع «تويتر»: «إيران تحتاج اتفاقاً، فيما نحن نريده». وحاول البيت الأبيض إعادة الإمساك بزمام العملية التفاوضية، بعد مؤتمر عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، مع كيري والمفاوضين الأميركيين ليل الأربعاء - الخميس دام 90 دقيقة. واعتبر الإيرانيون أن مشاورات الوزير الأميركي مع أوباما، جعلته يغيّر لهجته ويعدّل مواقفه في فيينا. لكن مسؤولاً أميركياً بارزاً قال لصحيفة «وول ستريت جورنال»: «لم يكن هناك اتفاق، طُرِح أو حدث تراجع عنه، وكما كل المفاوضات، يسعى جميع الأطراف إلى اتفاق جيد». في هذه الأجواء، يبدو البيت الأبيض متردداً لجهة وضع مهلة جديدة، بعد انهيار مهلة 30 حزيران (يونيو) الماضي و7 و9 الشهر الجاري. وليس واضحاً ماهية الدور الروسي وعرقلته اتفاقاً، مع الوفد الإيراني، ولقاء الرئيسين الإيراني حسن روحاني والروسي فلاديمير بوتين، فيما كان كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف يتبادلان صراخاً واتهامات في فيينا. في هذه المرحلة، لا يريد البيت الأبيض إفشال اتفاق، لكنه في الوقت ذاته لا يريد مفاوضات مفتوحة زمنياً، وهو مستعد للانسحاب من المفاوضات وإعلان نهايتها، في حال «عدم لمس مؤشرات بنّاءة من إيران»، كما قال الناطق الرئاسي جوش إرنست. وفي هذه الحالة، قد يلجأ أوباما، بغطاء من الكونغرس، إلى تمديد الاتفاق المرحلي، في شكل يمنع فشل المفاوضات بالكامل، واحتواء نسبي للبرنامج النووي لإيران، إذا تعذَّر إبرام اتفاق شامل يطوي ملفها.