رحل صاحب أطول منصب وزير خارجية في العالم أمس (الخميس)، إذ أعلن عن وفاة وزير الخارجية السعودي السابق الأمير سعود الفيصل - رحمه الله - بعد أن قضى 40 عاماً في قيادة العمل الديبلوماسي السعودي منذ أن تولى منصبه في تشرين الأول (أكتوبر) 1975، حتى قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز استقالته، بسبب ظروفه الصحية، في 28 نيسان (أبريل) الماضي. بدأ الفيصل، المولود في 1940، رحلته العملية بصدمة مقتل والده الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله - الذي ظل يحتفظ بحقيبة وزارة الخارجية، بعد أن بويع ملكاً في 1962، إذ عينه الملك خالد بن عبدالعزيز - رحمه الله - في منصب وزير الخارجية. وعاصر الفيصل، طوال تلك الفترة أحداثاً مهمة، أهمها الاجتياح الإسرائيلي للبنان في واندلاع انتفاضتين فلسطينيتين عامي 1987 و2000، وحرب العراق وايران والغزو العراقي للكويت وما تلاه، واندلاع الثورات العربية في تونس ومصر وسورية واليمن والعراق وغيرها من الدول العربية منذ 2011 حتى اليوم. وفيما غلف الحزن كلمات المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أسامة نقلي، خلال اعلانه أمس خبر وفاة الفيصل، وقوله في تغريدة له في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «كنت أتمنى أن أنفي إشاعة خبر وفاتك هذه المرة أيضاً، ولكن العين تدمع والقلب يحزن، وإنا لفراقك لمحزونون»، قال في كلمات مقتضبة مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل، «أحسن الله عزاءنا جميعاً في فقيد الوطن الأمير سعود الفيصل». وأعرب عدد من السياسيين والديبلوماسيين العرب والأجانب عن صدمتهم لنبأ وفاة الأمير سعود الفيصل، أمس مؤكدين أن العالم خسر واحداً من أهم العقلاء والحكماء على الساحة الدولية. وأوضح وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في بيان له أمس أن «الأمير سعود الفيصل لم يكن وزير خارجية فحسب، بل كان من بين الأكثر حكمة في العالم أيضاً». إلى ذلك، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري أن «الأمير سعود الفيصل، قاد الديبلوماسية السعودية والعربية على مدى 40 عاماً، شهد له الجميع خلالها بحرصه الشديد على المصالح السعودية من جهة، ومصالح المنطقة والدول العربية من جهة أخرى، فضلاً عن دوره المهم في دعم وتوثيق العلاقات المصرية - السعودية طيلة تلك العقود». كما شدد الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية وزير الخارجية المصري السابق عمرو موسى على أن الديبلوماسية العربية «خسرت كثيراً بوفاة وزير الخارجية السابق الأمير سعود الفيصل»، ووصف الفيصل في بيان لمكتبه الإعلامي بأنه «صاحب مدرسة الديبلوماسية العاقلة والآراء الرصينة القوية، وكان قوياً حين يحتاج الموقف إلى قوة، وإنساناً حين يحتاج الموقف إلى إنسانية، وديبلوماسياً حين يحتاج الموقف إلى ديبلوماسية، وخبيراً إذا احتاج الأمر إلى رأي خبير». وثمّن موسى الدور الذي قام به الأمير سعود الفيصل في خدمة القضايا العربية، مؤكداً أنه «أضاف الكثير إلى الديبلوماسية العربية والسعودية، فوجوده كان على الدوام يمثل صوت العقل والرصانة، إضافة إلى صفاته الشخصية والإنسانية الأخرى». وقال: «إن سعود الفيصل من أفضل الرجال الذين قابلتهم فى حياتي المهنية على مدى الوقت الطويل الذي قضيته في العمل الديبلوماسي العربي والمصري».