لو أردنا أن نستعرض مشكلات التحكيم في الدوري السعودي منذ عشر سنوات وأكثر، لوجدنا أنها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحكام سعوديين دوليين. تم تغيير رؤساء لجنة الحكام مرات عدة، وتعاقب على رئاسة اللجنة أكثر من اسم، وبقيت العلة والمشكلة كما هي، ولم ينجح أحد! وفي رأيي أن القضية ليست في "تغيير رئيس"، ولكنها تتمحور حول "فكر الرئيس"، وأقصد هنا رئيس اللجنة، واستعداده للتغيير والتطوير. إنما الذي أجده في كل رؤساء اللجنة السابقين والرئيس الحالي عبدالله الناصر، أنهم يكررون الأخطاء نفسها، ويحملون الملف نفسه، والسلف يعطيه الخلف. كم من الأخطاء ارتكبها حكام المباريات المواطنون بحق فريق سعودي صرف عشرات الملايين من أجل إسعاد جماهيره، فصادرتها صافرة حكم. كم من الأخطاء التي راح ضحيتها أكثر من فريق، وكانت اللجنة الموقرة تعلقها على شماعتها المعتادة "أخطاء تقديرية"، ولم تخرج علينا يوماً لتقول أخطأ الحكم. كل هذه الكوارث التحكيمية ولا تزال اللجنة ورئيسها الموقر تواصل دفاعها المستميت عن حكامها، بل وتكرمهم بمباريات في الجولة التي تليها، وهذا في رأيي تحد غير مقبول. ربما ليس هناك من لم يشاهد مباراة الفتح والشباب الأخيرة في نصف نهائي كأس الأمير فيصل بن فهد، ومن لم يشاهدها، تابعها عبر أكثر من برنامج، أو سمع عن أحداثها. هناك من رأى من خبراء التحكيم من داخل المملكة ومن خارجها، أن حكم تلك المباراة "الدولي" عبدالرحمن العمري، ارتكب خطأً فنياً يستوجب إعادة المباراة. لكن ما استفزني هو تعيين لجنة الحكام، الحكم العمري حكماً رابعاً في مباراة الأهلي والقادسية كنوع من الحماية للحكم، وتأكيداً لصحة قراراته ودعماً له من اللجنة. والغريب أن المباراة الأخرى التي حددت الطرف الآخر للمباراة النهائية في كأس الأمير فيصل بن فهد والتي جمعت الهلال والأهلي، حفلت بأخطاء فادحة من حكمها "الدولي" مرعي العواجي. وعلى رغم أنني لم اسمع حتى الآن رأي رئيس لجنة الحكام في المباراة الأخيرة، إلاّ أنني لست متفائلاً برأي غير ما اعتدنا عليه، وهو اللعب دفاعاً وهجوماً، وهذا لا يتماشى مع نهج التطوير الذي بدأ على المستويين الإداري والفني. لقد خرج الفتح بخطأ "فني"، وخرج الأهلي بخطأ "تقديري"، وفي الحالين كان حكما المباراتين "دوليين"، واستمرار هذه الأخطاء المؤثرة من دون عقاب، يعني أننا نقضي على الأندية وعلى الرياضة وعلى الحكام. إن على لجنة الحكام أن تعلم أنها بهذا الأسلوب الذي تتبعه ستجد نفسها في السنوات المقبلة تبحث عن حكام مستجدين ولن يتقدم أحد، لسبب بسيط أنها تحمي حكامها من الإعلام، ولا تحميهم من الجمهور والمنتديات، واسألوا حكام المباريات. وحتى نقلل من هذه الأخطاء، ونجعلها في إطار الأخطاء غير المؤثرة، أرى أن على اتحاد الكرة الاستعانة بخبير عالمي "متقاعد"، أو خبراء تحكيم من الخارج يقدمون رأيهم النهائي في أحداث المباريات، ويرفعون توصياتهم المعلنة. [email protected]