بور او برنس، مكسيكو سيتي، جنيف - رويترز، أ ف ب - وعدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الهايتيين بأن تكون بلادها الى جانبهم «اليوم وغداً وفي المستقبل»، خلال زيارتها لهايتي التي تزامن ختامها مع وصول الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى الجزيرة لإعلان تضامنه مع السكان والوقوف عند حاجاتهم، في وقت وجهت الأممالمتحدة نداء عاجلاً إلى المجتمع الدولي لجمع 562 مليون دولار من أجل هايتي. وجاء كلام كلينتون من مدرج مطار بور او برنس في هايتي التي ضربها زلزال مدمر ليل الثلثاء - الأربعاء. والتقت كلينتون الرئيس الهايتي رينيه بريفال واتفقا على إصدار بيان حول رغبة البلدين في العمل معاً. وتوجهت الوزيرة الأميركية الى الشعب الهايتي، قائلة: «وضعتم في التجربة في شكل رهيب، لكني اعلم ان هايتي يمكنها ان تنهض وأن تكون اقوى وأفضل في المستقبل». في المقابل، عبر بريفال عن الامتنان لجهود الإغاثة الضخمة بعد الزلزال الذي أودى بحياة عشرات الآلاف ودمر العاصمة بور او برنس. وقال ان «زيارة السيدة كلينتون تدفىء قلوبنا»، مضيفاً ان الزيارة ستساعد في وضع الأولويات والتنسيق اللازم للعمل على استمرار جهود الإغاثة. وشددت كلينتون على ان حملة المساعدة الأميركية والتي تشمل آلاف الجنود والبحارة ومشاة البحرية الى جانب العاملين المدنيين في مجال الإغاثة، تأتي بطلب من حكومة هايتي. وهدفت زيارة كلينتون التي استمرت يوماً واحداً الى تجنب تعقيد جهود الإغاثة في وقت مازال مئات الآلاف من شعب هايتي ينتظرون بيأس المساعدة فيما يستغل اللصوص والفوضويون الغياب الواضح للسلطة والنظام. وتوجهت كلينتون الى قاعدة بورينكين الجوية لخفر السواحل في بويرتوريكو حيث استقلت طائرة شحن من نوع «سي- 130» تابعة لخفر السواحل تحمل كميات من الأغذية والمياه الطارئة مع فراش أسنان وكعك وملابس داخلية وإمدادات أخرى للعاملين بالسفارة الأميركية. وغادرت على متن طائرة اغاثة كبيرة أخرى مع 50 أميركياً جرى إجلاؤهم على متنها متوجهة الى كينغستون في جامايكا. ثم واصل 22 اميركياً رحلتهم على متن الطائرة مع كلينتون الى واشنطن. وقالت كلينتون ان حملة الإغاثة تستهدف الاحتياجات العاجلة مثل المياه والطعام والمساعدة الطبية، الى جانب جهود الإنقاذ لأناس مازالوا محاصرين تحت الركام. كما قالت انها وبريفال ناقشا المستقبل الذي يقول مسؤولون اميركيون انه يمكن ان يشمل جهوداً دولية كبيرة للعمل على تحسين الظروف في هايتي التي مازالت تعد افقر دولة في نصف الكرة الأرضية الغربي. في غضون ذلك، اعلنت وزارة الخارجية المكسيكية ان اجتماعاً لمجلس الأمن سيعقد الاثنين بمبادرة من المكسيك، لدراسة الأوضاع في هايتي حيث حجم الكارثة «يجعل الوجود الدولي تحت اشراف الأممالمتحدة ضرورياً». وأفاد بيان الخارجية المكسيكية ان «الأمين العام للأمم المتحدة سيشارك في الاجتماع». والمكسيك عضو غير دائم في مجلس الأمن. وبحسب البيان فإن القرار بعقد اجتماع لمجلس الأمن اتخذ بعد «مشاورات بين اعضائه (الجمعة) بالتنسيق مع الصين بصفتها رئيسة للمجلس وبمبادرة من المكسيك». وأشار البيان الى ان «حكومة المكسيك تعتبر مشاركة مجلس الأمن في جهود المساعدة والدعم للحكومة في هايتي امراً في غاية الأهمية». وأوقع الزلزال الذي ضرب هايتي ما بين أربعين وخمسين ألف قتيل بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، كما ورد في مذكرة للأمم المتحدة نشرت امس. وأوردت المذكرة حول هايتي التي أعدها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأممالمتحدة ان منظمة الصحة العالمية «تقدر عدد القتلى بما بين اربعين وخمسين الفاً». وتتطابق هذه الأرقام مع آخر حصيلة ادلت بها السلطات الهايتية وأشارت الى خمسين الف قتيل، فضلاً عن 250 الف جريح ومليون ونصف مليون مشرد وانتشال اكثر من 25 الف جثة. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وفاة ممثله الخاص في هايتي (التونسي) هادي عنابي ونائبه لويز كارلوس دا كوستا، والقائم بأعمال رئيس شرطة بعثة الأممالمتحدة دوغ كوتاس في الزلزال المدمّر الذي ضرب الجزيرة. وأعرب الأمين العام في بيان عن «حزنه العميق» لتأكيده مقتل المسوؤلين الثلاثة قائلاً إن عنابي ، كان أحد أكثر أبناء الأممالمتحدة إخلاصاً والتزاماً وإنه وهبها حياته وطاقته وشجاعته. وقال ان الثلاثة «وهبوا حياتهم للسلام بكل ما تعني الكلمة من معنى». ووصف بان عنابي بأنه «كان رجلاً متواضعاً بقلب أسد»، مؤكداً أن جميع من عرفوه سيتذكرون روح الدعابة لديه واستقامته وتميزه بقيم عمل لا مثيل لها. وذكر أن عنابي شارك في كل بعثات الأممالمتحدة لحفظ السلام على مدى أكثر من عشر سنوات، وكان عمله نموذجاً يحتذى به لكل من حظي بالعمل معه. وذكر بان أن هادي عنابي «كان فخوراً ببعثة الأممالمتحدة في هايتي وبإنجازاتها في نشر الاستقرار والأمل لشعب هايتي وفخوراً بموظفي الأممالمتحدة». وأشاد بان أيضاً بنائب عنابي لويز كارلوس دا كوستا، ووصفه بأنه أسطورة مهمة حفظ السلام الأممية، مشيراً إلى مهنيته وتفانيه اللذين ترافقا مع حضور لافت وإخلاص لأصدقائه. ووصف القائم بأعمال رئيس شرطة بعثة الأممالمتحدة دوغ كوتاس بأنه «صديق حقيقي لهايتي والأممالمتحدة». وقال الأمين العام إن «قلوبنا مع الضحايا وأسرهم وأصدقائهم»، مؤكداً أن الأممالمتحدة «ستواصل القيام بالعمل النبيل الذي قام به عنابي ورفاقه حتى الآن على خير وجه». وكانت المنظمة الدولية أكدت مقتل 37 من أفراد بعثتها وفقدان 330 غيرهم.