لن يقرأ رجال كثر هذا المقال. حظهم طيب. تقول الاحصاءات إن عدد النساء في السعودية مساوٍ إلى حد كبير لعدد الرجال. وبحسب النتائج الأولية لتعداد السكان في عام 2005، فإن نسبة الإناث 49,87 في المئة. وبحسب نتائج بحث القوى العاملة في دورته الثانية، الذي أجرته مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات خلال شهر (آب) أغسطس الماضي، بلغ إجمالي عدد المشتغلين السعوديين: 3.756.669 فرداً، منهم 87,2 في المئة من الذكور! وأوضحت نتائج البحث أن نسبة التعلم داخل قوة العمل بين الذكور 96.3 في المئة، وبين الإناث 98.4 في المئة. ومثّل الذكور الحاصلون على الشهادة الثانوية أو ما يعادلها أعلى نسبة بين قوة العمل السعودية الذكورية «31.6 في المئة»، أما الإناث فمثلت الحاصلات على شهادة البكالوريوس أو الليسانس النسبة الأعلى «66.3 في المئة». في حين بلغ معدل البطالة للذكور 6.8 في المئة «في انخفاض مقارنة ب(شباط) فبراير 2008»، وللإناث 26.9 في المئة «بارتفاع مقارنة بشهر فبراير 2008». وعلى مستوى تعليم المرأة السعودية مقارنة بالعربية، وبحسب احصاءات عام 2000، بلغت المرأة السعودية المرتبة الثامنة بنسبة 62.8 في المئة، تليها المرأة السورية في المرتبة التاسعة بنسبة 56.6 في المئة، والتونسية في المرتبة العاشرة بنسبة 55.8 في المئة، في حين وصلت المرأة المصرية إلى المرتبة السادسة عشرة بين النساء العربيات. ماذا أريد من كل هذه الاحصاءات؟! لا تأخذك الظنون، فلست أرغب في الإشارة إلى تفوق السعوديات على السعوديين في التحصيل العلمي، أبداً، حتى إذا كان ذلك ظاهراً بالأرقام. من لا يدرك أن جلسوهن في المنازل، بفرض اجتماعي، يدفعهن إلى شد الهمة في التحصيل. ولست أرغب في الإشارة إلى تفوق فرص الرجال في العمل، إذ بلغت نسبة العاملين منهم أكثر من أربعة أضعاف العاملين من النساء. من لا يدرك أن الرجل مفروض عليه الإنفاق اجتماعياً. وهذا «الفرض» أو بدقة الحصر، سيُلغَى مع الزمن لضرورة إيجاد دخل إضافي عبر الشريك «المرأة». إلغاء حصر الرجل بالإنفاق حدث في كل بلاد العالم، ونشاهده اليوم، ويرفضه البعض ظناً أن الانفتاح فرضه، بينما الصحيح أن الحاجة فرضته. أشير، قبل أن أقول، إلى أن أكثر من ثلاثة أرباع المشتغلات السعوديات يعملن في نشاط التعليم بنسبة بلغت 77.6 في المئة، تليهن المشتغلات في نشاط الصحة والعمل الاجتماعي بنسبة 10.5 في المئة، والباقيات لا يتجاوزن 12 في المئة. ومن لا يدرك أن هذا سببه الأساس أيضاً الفرض الاجتماعي، لا الفرض الحكومي وغياب فرص العمل الذي يعد ثانوياً برأيي المتواضع. ما أريد قوله: إن نشر ثقافة التطوع «المجانية» بين النساء السعوديات، سيعود بالكثير من المنفعة على هذا المجتمع. ماذا لو استفدنا من كل المتعلمات غير العاملات والعاملات، في نشر حقوق الإنسان «المرأة والطفل والرجل والعجوز والكهل»؟! إن إقامة الندوات وتشجيع التصريح لجمعيات نسائية تطوعية، وترك مهمة الإشراف عليها لخبيرات وأكاديميات ومبدعات، وعدم إخضاعهن لرقابة بيوقراطية، كما يحدث في كل دول العالم، سيشيع الوعي في المجتمع. لا يزال الرجل مشغولاً بقُوته وقُوةِ عياله. لا تزال المرأة المتعلمة والبسيطة في تعليمها أيضاً، خاضعة للحصار الاجتماعي في المنزل وليس لها مُثقف سوى القنوات الفضائية التي تحتاج إلى من يثقفها. فلنتخيل: ندوات عن ثقافة العلاقة الحميمة بين الرجل والمرأة، عن الاغتصاب والتحرش، عن الحقوق القانونية، عن تربية الأطفال وأساليبها العلمية، عن العادات والتقاليد الاجتماعية البالية والفاسدة التي يلبس بعضها عباءة الدين... هل أكمل؟! لا تجزعوا، فلا أريد رجالاً في هذه الندوات. إن فتح الباب لمشروع حكومي مثل هذا، سينشر ثقافة التطوع بين نساء المجتمع، وبالتالي ستنتقل عدوى التطوع أو الوعي به إلى الطفل الذي سيكبر، وستنتقل إلى الرجل. وبذلك، سنُقفل «الاستراحات» - (العزب)، وسنستبدل دَورَ تناقل الضغينة العائلية وتكريسها المناط بالنساء «الفاضيات»، بتناقل دور تثقيف أفراد المجتمع ورفع درجة وعيهم، عبر نصف المجتمع «الفاضي». والكلمة الأخيرة – «الفاضي» - قد تنطبق حتى على العاملات، فدوام المُعلمة ينتهي في الثانية ظهراً، ويبقى لها «اللفلة» في الأسواق و«السوالف الفاضية» بين أترابها، أما العاطلات عن العمل فما لهن سوى التلفزيون والإنترنت، وعليكم باحصاءات المشاهدين لتكتشفوا «الأرقام المخيفة» التي تتابع مسلسلاً ساذجاً مثل «مهند ونور».