دعا إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح آل طالب الآباء والأمهات لأن ينشئوا الأبناء على الصدق والتنزه عن الكذب والابتعاد عن توافه الأمور وعدم التهاون فيها، حتى لا تصبح عادة لدى الأطفال، ويعتبرون صغائر الأمور تافهة، محذراً من الكذب الذي يمتد ضرره فيكون عاماً، كالكذب الذي يطاول مصالح الأمة وقضاياها الكبار، أو يحدث بلبلة في صفوف المجتمع، وينشر الفوضى، ويعدم الثقة، ويلبس الحق بالباطل، لاسيما مع وجود وسائل النشر العامة، وسرعة انتشار المعلومة، فتجد شبكة معلومات تطلق الإشاعات، وترى إعلاماً يكذّب، وصحف تحرّف، فيعز الصدق وسط الركام، وإذا اختلطت الحقائق سار الناس على غير هدى، فكم من بيوت هدمت، وأسر شتت، ودماء أريقت بسبب الكذب. وشدّد إمام وخطيب المسجد الحرام في خطبة الجمعة أمس على أنه لا يصح التهاون في هذا المبدأ، فهو أساس في الدين، وكان عنواناً لقدوتنا وأسوتنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي كانت حياته أفضل مثال للإنسان الكامل، الذي اتخذ من الصدق في القول والأمانة في المعاملة خطاً ثابتاً لا يحيد عنه قيد أنملة، وكان ذلك فيه بمثابة السجية والطبع، فعرف به حتى قبل البعثة، ولقب بالصادق الأمين، واشتهر بهذا وعرف به بين الناس، ولما أمر بالجهر بالدعوة، وأمر بتبليغ الرسالة، جمع الناس وسألهم عن مدى تصديقهم له إذا أخبرهم بأمر، فأجابوا بما عرفوا عنه قائلين ما جربنا عليك إلا صدقاً. وأوضح أن الله عز وجل وصف بالصدق رسله وأنبياءه وأولياءه، لافتاً إلى أن صفة الصدق ليست نفلاً ولا خياراً، بل هي فريضة على المسلم وسجية للمؤمن، الذي يجب أن يكون ظاهره وباطنه سواء في الصدق والوضوح والطهارة والصفاء. وقال مع بساطة هذه الصفة وإجماع الخلق عليها، إلا أننا اليوم أحوج ما نكون إلى التواصي بالالتزام بها في خضم أزمة الأخلاق التي يعاني منها الكثير لأسباب، يأتي في مقدمها ضعف الإيمان، وضعف التربية والتهافت على الدنيا.