كشفت المراجع التاريخية الخاصة بأئمة الحرمين الشريفين أن الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - أمّ المصلين خلال العهد السعودي في المسجد الحرام، والمسجد النبوي، وصعيد عرفات 12 مرة، ما بين الأعوام 1374ه و1381ه، بينما أمّهم الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - مرة واحدة في المسجد الحرام عام 1384ه حينما تولى مقاليد الحكم في البلاد. ومن هذه المراجع - بحسب وكالة الأنباء السعودية - كتاب المستشار في الديوان الملكي إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد «تاريخ أمة في سير أئمة»، الذي تناولت تفاصيله تاريخ أئمة الحرمين في 2256 صفحة موزعة على خمسة أجزاء، بدأت منذ فترة إمامة النبي محمد صلى الله عليه وسلم حتى العصر الحالي، مستنبطاً هذه السيرة من أكثر من 180 مرجعاً تاريخياً. وأشار بن حميد في الكتاب إلى أنه على رغم أهمية دراسة تاريخ أئمة المسجد الحرام والمسجد النبوي، نظراً إلى ارتباط سيرهم بتاريخ الأمة، وجهودهم في خدمة الدعوة الإسلامية ونشرها، فإن تاريخ أئمة وخطباء الحرمين لم تتناوله المؤلفات الإسلامية بإسهاب مستقل، ولاسيّما في ظل ما قدمه التاريخ للأمة من معلومات عن أحوال أهل العلم وفضائلهم، باستثناء بعض المؤلفات القليلة. وفي ضوء ذلك اهتمت الحكومة السعودية على مدى التاريخ في إطار حرصها على عمارة وخدمة الحرمين الشريفين بتوثيق ما يتصل بهما من دراسات وأبحاث تاريخية، فجرى إنشاء مركز تاريخ مكةالمكرمة، ومركز دراسات وبحوث المدينةالمنورة، ويتبعان لدارة الملك عبدالعزيز، التي يشرف على مجلس إدارتها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز المعروف بشغفه بالتاريخ والثقافة والمعرفة. وكان الملك سلمان بن عبدالعزيز أكد خلال ترؤسه أول اجتماع لمركز تاريخ مكةالمكرمة عام 1429ه - حينما كان أمير الرياض - أهمية أن يكون هذا المركز ومركز دراسات المدينةالمنورة - قبل أن يستقل عن مركز مكةالمكرمة - في مستوى رفيع من الأهمية والإنجاز، لخدمة الثقافة الإسلامية والتاريخ الإسلامي لهاتين المدينتين بشكل علمي ومنهجي، ورصد تاريخيهما بشكل دقيق، من خلال التعاون مع الجهات الأخرى والأفراد ذوي الاهتمام من دون التعارض مع أي جهود تصب جميعها في خدمة مدينة مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة. وفي ثنايا كتاب «تاريخ أمة في سير أئمة» الذي طبعه مركز تاريخ مكةالمكرمة، أوضح الدكتور صالح بن حميد أن أول إمام للمسجد الحرام بعد إمام المرسلين سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين، هو الصحابي الجليل: هُبيرة بن شبل بن عجلان الثقفي، الذي كان أميراً على مكةالمكرمة آنذاك. وكانت الإمامة في عهد النبوة وعهد الدولتين العباسية والأموية مظهراً من مظاهر الإمارة، بحيث يؤم المصلين في الحرمين الشريفين من يتولى زمام إمارتي مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، في حين أنه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانت له، صلوات الله عليه وسلامه، كل مناصب الإمامة؛ من الإمامة العظمى، وإمامة الصلاة، والخطابة، وغيرها. وبعد النبي صلى الله عليه وسلم تولى أمر الإمامة كل خليفة من الخلفاء الراشدين، إذ كان كل خليفة يتولى في عهده إمامة المسلمين وخطابة مسجد النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام، واقتدى بذلك المسلمون في عهد الصحابة والتابعين. واستمر المسلمون يتبعون هذا النهج حتى بداية القرن الخامس الهجري، بعدها انتقلت الإمامة إلى العلماء وطلبة العلم الشرعي، وبقيت على ذلك حتى عهد الدولة السعودية، التي أقر فيها ولاة الأمر، بالتشاور مع العلماء، أن يتولى الإمامة في الحرمين الشريفين من يملك العلم والفضيلة، ويحفظ كتاب الله عز وجل، ويُحسن التلاوة والتجويد. وعن إمامة الملك سعود المصلين في الحرمين الشريفين، أفاد الشيخ بن حميد أن الملك سعود بن عبدالعزيز - رحمه الله - أمّ المصلين في المسجد الحرام ست مرات، لصلاتي العصر والمغرب أعوام 1374ه، 1376ه، 1377ه، 1378ه، 1379ه، 1381ه، بينما صلى بالمأمومين صلاة الجمعة في المسجد النبوي ثلاث مرات، أعوام 1377ه، 1378ه، 1380ه، وأمّ الحُجّاج في صعيد عرفات ثلاث مرات، أعوام 1374ه، 1378ه، و1380ه. وقال بن حميد: «إنه عندما تولّى الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمه لله - مقاليد الحكم في البلاد عام 1384ه، زار مكةالمكرمة وطاف بالبيت الحرام، ولما حان وقت صلاة المغرب طلب فضيلة إمام المسجد الحرام وخطيبه الشيخ عبدالله الخليفي - رحمه الله - من الملك فيصل أن يصلي بالمسلمين، فاعتذر في البداية، فألح عليه الشيخ الخليفي، فوافق الملك فيصل، وكبّر تكبيرة الإحرام بصوت مؤثر، وصلى بمرتادي المسجد في ذلك الوقت.