بور او برنس، واشنطن، باريس - رويترز، أ ف ب، أ ب - قضى آلاف المصابين في الزلزال في هايتي ليلة ثالثة وهم يكابدون الألم والجوع والعطش، وافترشوا الطرقات في انتظار المساعدات. وأغلق مواطنون بائسون الشوارع بالجثث مطالبين بالإسراع بجهود الإغاثة. ويغطي الناس أنوفهم بقماش لتجنب رائحة الموت المنبعثة في كل مكان، فيما رأى الرئيس رينيه برفال ان الاولوية الملحّة هي دفن الموتى. وتكدست خارج مشرحة المستشفى العام 1500 جثة، فيما دفنت 7 آلاف جثة. وبعد أكثر من 48 ساعة على الكارثة، أثارت أعداد كبيرة من الناس صخباً ليل الخميس – الجمعة، مطالبة بالغذاء والماء وكذلك المساعدة لانتشال أقارب لهم لا يزالون مفقودين تحت الأنقاض. وأفادت شبكة «سي أن أن» ان عصابات سطو مسلحة تجوب شوارع بور او برنس، خصوصاً عند حلول الظلام. وأفاد شول شفارتز وهو مصور في مجلة «تايم» بأنه رأى شارعين في وسط المدينة أغلقتهما جثث ضحايا الزلزال وصخور. وقال: «بدأوا في إغلاق الطرق بالجثث. الامر يصبح سيئاً هنا. وضجر الناس لأنهم لا يحصلون على مساعدات». ونظم ناجون غاضبون الاحتجاج بينما بدأت مساعدات تعهدت بها 30 دولة في الوصول إلى بور او برنس على متن عشرات الطائرات في المطار الصغير في المدينة. وتولت القوات الاميركية ادارة العمليات في المطار، في حين ينتظر توزيع المساعدات وصول المزيد من الإمدادات والعاملين إلى هايتي. وأكد الصليب الاحمر في هايتي أن عدد قتلى الزلزال قد يكون بين 45 ألفاً و50 ألفاً. وفضلاً عن ذلك، فإن ثلاثة ملايين آخرين او ثلث سكان هايتي أصيبوا أو أضحوا مشردين بعد الزلزال. وحذر عمال اغاثة من ان عدد القتلى سيرتفع كثيراً إذا لم يحصل عشرات الآلاف من المصابين على إسعافات خلال ساعات. وأعلنت واشنطن ان كوبا فتحت مجالها الجوي امام الطائرات الاميركية لتسهيل وصول امدادات الاغاثة الى الجزيرة المنكوبة، فيما وصلت طائرات الى مطار بور أو برنس محمّلة بالإمدادات التي تدفقت بأسرع من قدرة الأطقم الارضية على تفريغها. وتعهدت دول في انحاء العالم بإرسال فرق انقاذ وكلاب بحث ومعدّات ثقيلة وخيم ووحدات تنقية مياه وأغذية وأطباء وفرق اتصالات، لكن توزيع المساعدات أعاقته طرق أغلقتها أنقاض وسيارات محطمة كما انقطعت الاتصالات العادية في بور او برنس. وتضررت مستشفيات كثيرة في هايتي ولم تعد صالحة للعمل وكافح أطباء لعلاج كسور في العظام والمفاصل وإصابات في الرأس في ملاجئ متنقلة تندر فيها الإمدادات الطبية. مفقودون وضحايا أجانب وواصلت عواصم عدة في العالم محاولاتها للحصول على أنباء عن رعاياها المفقودين إثر الزلزال، ومن بينهم حوالى 190 من موظفي الاممالمتحدة لا يزال مصيرهم مجهولاً، فيما اعلنت الولاياتالمتحدة مقتل احدى ديبلوماسياتها. ولا يزال «عدد صغير» من الاستراليين مفقودين، فيما قتل 14 عنصراً برازيلياً على الاقل من بعثة حفظ السلام الدولية. وأعلنت وزارة الخارجية البريطانية ان 30 من رعاياها عثر عليهم سالمين وأنه ليست هناك معلومات عن ضحايا بريطانيين. وقتل موظف كندي لدى الاممالمتحدة، فيما اعتبر آخر في عداد المفقودين بحسب الشرطة في اوتاوا. وأعلنت الحكومة الصينية ان اربعة من جنود حفظ السلام الصينيين طمروا تحت الأنقاض، فيما لا يزال هناك اربعة آخرون في عداد المفقودين. وقتل ستة فرنسيين في الزلزال، فيما اعلنت موريشيوس ان ليس لديها معلومات عن اثنين من رعاياها في هايتي، احدهما يعمل لدى الاممالمتحدة. وأبدت وزارة الخارجية الهولندية قلقها على مصير تسعة هولنديين يعتقد انهم كانوا في فنادق انهارت إثر الزلزال. وأفاد افراد من عائلة نيوزيلاندية ان اثنين من الاطفال ووالدهما الفرنسي - الهايتي قتلوا في احد فنادق بور او برنس. وأصيب ولد ثالث ونقل الى جمهورية الدومينيكان مع والدته النيوزيلاندية. وأعلن وزير خارجية نيوزيلاندا موراي ماكالي ان ليس هناك معلومات عن رعايا آخرين بين ضحايا الزلزال. واعتبر ثلاثة فيليبينيين من قوات حفظ السلام في عداد المفقودين، فيما انقذ شخص كان اعتبر مفقوداً الخميس من تحت أنقاض احد المباني. وفي بولندا، اعلن ناطق باسم الخارجية ان احد التلاميذ اعتبر مفقوداً. وأعلنت دائرة الرعايا البرتغاليين ان مواطنين يعتبران في عداد المفقودين. كما اعلن الدرك السنغالي ان شرطيين يعملان ضمن بعثة الاممالمتحدة لإحلال السلام مفقودان. واعتبر عامل إسباني مع بعثة المفوضية الاوروبية في هايتي مفقوداً. وأعلنت تايلاند فقدان احد مواطنيها. مؤتمر دولي في باريس، قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ان الزلزال المدمر في هايتي كان «لعنة» أصابت الجزيرة واقترح عقد مؤتمر دولي لتقديم المعونات ومساعدات لإعادة إعمار البلاد. وأشار الى انه تحدث الى الرئيس الاميركي باراك اوباما لمناقشة الفكرة. وقال ساركوزي: «من هذه الكارثة التي جاءت عقب كوارث أخرى كثيرة يجب أن نحرص على ان تكون فرصة لمساعدة هايتي على ان تتخلص بصورة نهائية من اللعنة التي اصابتها طويلاً». وأضاف: «هذه الفاجعة الجديدة يمكن ان تكون الأخيرة لو ان المجتمع الدولي حشد قواه لمساعدة هذا البلد». وأكد الرئيس الفرنسي انه سيزور هايتي في الاسابيع المقبلة للقاء الرئيس رينيه بريفال. وأضاف ان فرنسا تعمل عن كثب مع الاتحاد الاوروبي لإرسال «موارد هامة جداً» لإعادة بناء هايتي ولكنه لم يذكر ارقاماً محددة. وقال ساركوزي ان فرنسا سترسل سفينتين عسكريتين الى هايتي ومركزاً لمعالجة المياه وفرق بحث جديدة. مساعدات وأعلن المجتمع الدولي التعبئة منذ وقوع الكارثة، وتحركت الدول والمنظمات لرصد الاموال والبحث عن ناجين وتوفير المياه والمواد الغذائية والملاجئ والعناية الطبية والادوية للهايتيين الذين يعانون اوضاعاً يائسة في عاصمة مهدمة دمرت كل بناها التحتية. وأكدت وكالة المعونة الاميركية (يو اس ايد) ان التبرع بالمال في الوقت الحالي هو الوسيلة الانجع للتضامن مع هايتي، لأن الهبات العينية سيتأخر ارسالها. وأعلنت الوكالة انها ارسلت 250 مسعفاً بدأوا عملهم ميدانياً لتوزيع الغذاء والماء. ودخل العالم سباقاً مع الزمن ومع الموت والجوع والأوبئة، ودعا اوليفييه برنار رئيس منظمة «اطباء بلا حدود» الفرنسية غير الحكومية الى ارسال مساعدة انسانية «ضخمة» لإنقاذ اكبر عدد ممكن من الاشخاص قبل ان تصبح الاوضاع «حرجة» بعد مرور 36 ساعة على الزلزال. وطالبت المنظمة الدولية للهجرة بإرسال «خيم بأعداد هائلة ودعم مالي سريع» لإسعاف آلاف الضحايا. ومن المفترض ان تبدأ المنظمة الدولية للهجرة بتوزيع المساعدة بالتنسيق مع برنامج الاغذية العالمي التابع للأمم المتحدة والذي سيرسل طائرتين من المساعدات الغذائية.