يحسم اليونانيون اليوم مصير مستقبلهم في منطقة اليورو. وتأمل القيادات الأوروبية بفوز ال»نعم»، التي تسمح بمعاودة إطلاق المفاوضات مع أثينا لتعويمها مالياً وإبقائها في منطقة اليورو. والسابقة في هذا السيناريو هي ان المساعدات المنتظرة تتعلق ببرنامج لم يعد موجوداً رسمياً منذ الثلثاء الماضي. ما يعني ان على الفرقاء وضع برنامج جديد في اجتماع يُقرر عقده بدءاً من غدٍ. وترى قيادات أوروبية ان الأمر ليس بهذه السهولة، اذ ان السناريو المذكور دونه عقبات، أهمها التصلب الألماني، خصوصاً بعد فورة الاتهامات المتبادلة خلال الأسبوع. وسيكون على أثينا القبول بشروط جديدة في مقابل المساعدات، تتناول من دون شك مجموعة من الإصلاحات يطالب بها الدائنون، لم تعد هي ذاتها خصوصاً مع الإجراءات الأخيرة المتعلقة بالمصارف. كما ان عامل الوقت يلعب دوراً مهماً، خصوصاً ان على اليونان سداد 3.5 بليون يورو في 20 الشهر الجاري للبنك المركزي الأوروبي، مع فارق مهم عن الدين المستحق الثلثاء الماضي، حيث أبدى صندوق النقد ليونة يرفضها «المركزي الأوروبي»، الذي قد يضطر الى وقف تمويل مصارف اليونان. مع العلم ان ال»نعم» ستكون مدخلاً لأزمة سياسية تنتهي باستقالة الحكومة. وفي حال فوز ال»لا»، قد تتجه اليونان سريعاً الى سيناريو أسود، الا اذا وافق شركاؤها الأوروبيون على تقديم تنازلات تحسباً من تداعيات خروجها من اليورو، قد يكون أبرزها نهاية المساعدات الطارئة وافلاس المصارف والانهيار الاقتصادي والخروج من اليورو. يذكر ان البنك المركزي الأوروبي يؤمّن وحده حالياً استمرارية القطاع المصرفي اليوناني. ولكن ما ان يُجرى الإستفتاء، حتى يتغير الأمر. فقد يتم الابقاء على المساعدة الطارئة كما هي لبضعة ايام لكن بعد 20 الجاري، واذا لم يحصل البنك المركزي الأوروبي على المال، «سيصبح الأمر مستحيلاً تقريبا» وفقاً لأنييس بيناسي كيريه من كلية الاقتصاد في باريس. ومع تعطل أجهزة الصرف الآلي ووقف العمل ببطاقات الائتمان، قد تعمد الحكومة لتيسير الأمور الى عملة «موازية» مثل الأوراق التجارية التي يتم من خلالها الاعتراف بالديون، وما ان تضعها الحكومة في التداول يمكن ان تنتشر في القطاع الخاص. ولكن اذا تم اصدارها بموازاة اليورو، فقد تفقد هذه الأوراق التجارية الموقتة قيمتها سريعاً. عندها قد تشهد البلاد تضخماً متسارعاً وانهياراً لنظام الادخار. وستبقى الفواتير غير مسددة والرواتب غير مدفوعة، وقد يصاب الاقتصاد كله بالشلل. وفي هذه الحال لن تبقى اليونان عضواً في منطقة اليورو. ولكن «طالما لا توجد آلية قانونية للخروج من اليورو، فالخطر كبير في شأن ما سيحدث في أوروبا كلها في ما بعد»، وفق هنريك أنرلين من «معهد جاك دولور». وبدا نائب رئيس المفوضية الاوروبية فلاديس دومبروفسكيس مطمئناً بحديثه عن «امكان التوصل الى اتفاق» قبل 20 الجاري، في حين بدا رئيس المفوضية جان كلود يونكر جازماً بقوله ان التصويت ب»لا» في الاستفتاء يعني «لا لأوروبا». وتقول كيريه «نحن في وضع لم يسبق له مثيل، لا احد يعلم الى اين ستفضي الأمور».