كشفت الصور التى التقطتها المركبة «روزيتا» (رشيد) للمذنب «تشوري» عن وجود حفراً ينبعث منها الغاز والغبار. وسُمح في تشرين الثاني (نوفمبر) بتحليل الصور الملتقطة من مركبة «روزيتا» (رشيد) والمعلومات الواردة من المسبار «فيلة»، المستقر على سطح المذنب، لتكشف عن وجود 18 بئراً دائرية الشكل تشبه تلك المتواجدة على الأرض أو المريخ. وأوضح الباحث في علوم الكواكب في معهد «ماكس-بلانك» في غوتينغن (ألمانيا) جان باتيست فينسان أنه «خلال الأشهر الأخيرة رصدنا حفراً أخرى، إلا أن هذه الآبار ال 18 تشكل عينة تمثيلية لما يحصل على المذنب». وأكد الباحث الذي شارك في إعداد الدراسة التي نشرتها مجلة «نيتشر» أن «الحفر نشطة إذ تنبعث من جوانبها الداخلية أعمدة الغاز والغبار». ويبلغ قطر الحفر حوالى 100 متر، أما أكبرها وأكثرها نشاطاً في الوقت الراهن فيبلغ قطره 200 متر وعمقه 200 متر. وأشار فنسان إلى أنها «المرة الأولى التي نتمكن فيها من مراقبة باطن مذنب على عمق مئات الأمتار تحت السطح». والمذنبات أجرام سماوية صغيرة في النظام الشمسي مؤلفة من نواة جليدية ومواد عضوية وصخرية محاطة بالغبار والغاز. وتهدف مهمة «روزيتا» التي أطلقتها «وكالة الفضاء الأوروبية» قبل أكثر من 20 عاماً، إلى فهم أفضل لتطور النظام الشمسي منذ ولادته، إذ أن المذنبات تعتبر من مخلفات المادة البدائية. وأُطلقت «روزيتا» في أذار (مارس) 2004، وأبحرت على مدى عشر سنوات في الفضاء برفقة «فيله» قبل الوصول إلى مذنب «تشوري»، لتصبح بذلك أول مركبة فضائية تنجح في الوصول إلى مسافة 100 كيلومتر من مذنب. وألقت المركبة بعد ذلك بنجاح في 12 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، الروبوت «فيله» على نواة المذنب محققة سابقة تاريخية أخرى. وعمل فريق الباحثين استناداً إلى صور التقطتها كاميرا «اوزيريس» الموجودة على المركبة. وترجح الحفر التي رصدها العلماء حصول تجويفة تحت السطح. وبعد فترة لا يعود سقف التجويفة قادراً على تحمل وزنه ويحصل الانهيار. ولا يملك الباحثون أي تأكيدات حول طريقة تشكل هذه التجويفات في الأساس، لكنهم يعرضون فرضيات عدة. وتقوم الأولى على أن التجويفات تعود إلى مرحلة تكون المذنب انطلاقاً من كتل صغيرة تجمعت والتحمت. وأوضح فنسنان «هذا ممكن، لكنه لا يفسر الشكل الدائري لهذه الآبار». ويرجح فنسنان فرضية أخرى تشير إلى أن هذه التجويفات عائدة إلى تحول جليد الكربون إلى غاز في بعض الأماكن تحت سطح المذنب. وبما أن أرض المذنب فيها فتحات كثيرة، فإن ثاني أكسيد الكربون يتسرب منها مخلفاً تجويفة تنتهي بالإنهيار. وباتت «روزيتا» الآن على مسافة أقرب من المذنب في محاولة لتحسين الاتصال مع «فيله»، بحسب ما قال مسؤول مشروع روزيتا في وكالة الفضاء الفرنسية فيليب غودون رداً على أسئلة وكالة الأنباء الفرنسية. وأوضح أن المركبة تحلق فوق «تشوري» على مسافة 160 إلى 180 كيلومترا، إلا أن «روزيتا» تبقى حذرة بسبب ازدياد تصاعد أعمدة الغاز والغبار من المذنب مع اقترابه من الشمس. واستفاق الروبوت في 13 حزيران (يونيو) الماضي، بعد سبات استمر سبعة أشهر. وأوضح غودون أنه «منذ ذلك الحين قمنا بست عمليات اتصال فيه بعضها اتصالات قصيرة جدا»، ويعود آخر اتصال إلى 24 حزيران (يونيو) الماضي. وسمح ذلك بالحصول على المعطيات التي سجلها «فيله» من دون أن يطلب منه تجارب معينة حتى الآن. ومن خلال تغير موقع «روزيتا» يتوقع أن تتحسن الاتصالات مع الروبوت، على ما أكد غودون الذي يأمل في حصول اتصال جديد في الأيام المقبلة.