بور او برنس، برازيليا، باريس - أ ف ب، رويترز - ضرب زلزال عنيف هايتي ليل الثلثاء – الاربعاء، مسبباً دماراً كبيراً لحق حتى بالقصر الرئاسي في مدينة لا تملك شيئاً لإنقاذ الضحايا والمشردين الذين يقدر عددهم بالآلاف، فيما لم تتوفر حصيلة للقتلى الذين يتوقع ان يناهز عددهم المئات. وأعلن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ان مصير رئيس بعثة الأممالمتحدة للسلام في هايتي التونسي هادي عنابي، مجهول على غرار مصير الفرنسيين الذين كانوا موجودين في مقر البعثة في العاصمة بور او برنس عند وقوع الزلزال. كذلك، قال الجنرال البرازيلي كارلوس بارسيلوس إن أربعة على الأقل من الجنود البرازيليين الذين يعملون في بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في هايتي قتلوا في الزلزال كما فقد عدد آخر كبير من الجنود. وامضى العديد من الهايتيين ليلتهم في العراء بعد الزلزال الذي بلغت قوته سبع درجات على مقياس «ريختر» المفتوح وكان مركزه على بعد 15 كلم غرب العاصمة المكتظة بالسكان، في انتظار البدء بإحصاء القتلى وتقييم الخسائر. وتوقعت مصادر طبية وقوع مئات القتلى. وتلت الزلزال نحو ثلاثين هزة ارتدادية بلغت قوة بعضها 5.9 درجات. واكد المعهد الأميركي للجيوفيزياء ان هايتي لم تشهد هزة بهذه القوة منذ قرن على الأقل. وخلف الزلزال دماراً كبيراً اذ انهار عدد من المباني العامة بما فيها القصر الرئاسي والبرلمان ووزارات عدة وكنائس في افقر دولة في الاميركيتين. واكد سفير هايتي في المكسيك روبرت مانويل ان رئيس هايتي رينيه بريفال وزوجته «على قيد الحياة»، مشيراً الى ان «الوضع خطر جداً». وفي باريس، قال وزير الدولة الفرنسي لشؤون التعاون آلان جويانديه ان حوالى مئتي شخص يعتبرون في عداد المفقودين بعدما طمروا تحت انقاض فندق كبير في العاصمة الهايتية. وأوضح الوزير: «وصلتنا معلومات بأن فندق لو مونتانا انهار وكان في داخله حوالى 300 شخص وخرج منه فقط مئة شخص، وهذا الأمر يثير قلقنا الشديد». كما عبر عن قلقه على مصير 1400 فرنسي يعيشون في هايتي يقيم معظمهم في العاصمة. ودمر مقر بعثة الأممالمتحدة لإحلال الاستقرار في هايتي التي تضم حوالى 11 الف شخص. وقال رئيس بعثات حفظ السلام في الأممالمتحدة آلان ليروا ان مقر البعثة «دمر وهناك العديد من الاشخاص المفقودين». وذكرت الصحف الصينية ان ثمانية من جنود حفظ السلام الصينيين طمروا تحت الانقاض فيما هناك عشرة آخرون مفقودون. وسبب الزلزال اضطرابات كبيرة في بلد يملك بنى تحتية بدائية جداً مما يجعل نقل جرحى الى مراكز طبية قائمة شبه مستحيل. وفي ظل الفوضى، سارع سكان الى نهب المحال التجارية، ومن بينها سوبرماركت ضخم في شمال بور او برنس. وأفاد مراسلون بأن الزلزال استمر لأكثر من دقيقة وقذف السيارات في الشوارع وأدى الى سحابة هائلة من الغبار الابيض فوق المدينة التي تضم مليوني نسمة. وقال احد السكان انه مشى كيلومترات عدة ليعود الى منزله وسط موجة ذعر وان «وسط بور او برنس دمر. انها كارثة حقيقية». وكان عدد من طلاب جامعة خاصة عالقين تحت انقاض مؤسستهم. وقال مسؤول الجامعة لإذاعة «سينيال اف ام» في بيتيون فيل شرق بور او برنس: «تمكنا من انتشال بعض الاشخاص من تحت الانقاض وهناك عدد كبير من الجرحى». كما دمرت مراكز جامعية اخرى مثل المعهد الوطني للادارة وجامعة الوكالة الجامعية للفرنكوفونية. وقال الرئيس الهايتي السابق جان برتران اريستيد في جوهانسبورغ حيث يقيم منذ مغادرته البلاد في 2004: «انها فاجعة تفوق التصور»، معبراً عن تعازيه لمواطنيه. وقال سفير هايتي في الولاياتالمتحدة ريمون السيد جوزف لشبكة «سي ان ان» انها «كارثة كبرى» للبلاد. اميركا وفنزويلا تعرضان المساعدة واكد الرئيس الاميركي باراك اوباما ان الولاياتالمتحدة «مستعدة لمساعدة الشعب الهايتي». وعرضت دول عدة مساعدات بينها فنزويلا وكندا. ودعا البابا بنديكتوس السادس عشر الجميع الى تقديم «مساعدة سخية من اجل التعبير عن التضامن العملي والدعم الفعال للأسرة الدولية مع اخوتنا واخواتنا الذين يعيشون لحظة عوز والم». كما طلب من المؤمنين «الانضمام الى صلاته» من اجل «الضحايا والذين يبكون خسارة». وسترسل فرنسا طائرتين تنقلان عشرات المسعفين وكلاباً متخصصة في البحث عن الاشخاص العالقين تحت الأنقاض والإنقاذ. وبثت شبكة «سي ان ان» مشاهد للزلزال ظهرت فيها سحابة كبرى من الغبار ترتفع من عشرات المباني المنهارة. وتم اصدار انذار باحتمال حدوث «تسونامي» (موجات مد بحري) لكنه الغي سريعاً. وهايتي التي تعتبر الدولة الافقر في الاميركيتين سبق ان شهدت سلسلة من الكوارث في الآونة الاخيرة، اذ ضربتها ثلاثة اعاصير وعاصفة استوائية في 2008 ما ادى الى مقتل 793 شخصاً وفقدان اكثر من 300 آخرين. كما شهدت البلاد توتراً سياسياً في عام 2008 نجمت عنه اعمال شغب إثر رفع اسعار المواد الغذائية. ويعيش قرابة 70 في المئة من شعب هايتي بأقل من دولارين في اليوم، فيما تشمل البطالة نصف سكانها البالغ عددهم 8.5 ملايين نسمة.