توعد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مرتكبي جريمة اغتيال النائب العام هشام بركات ب «أشد العقاب»، لكنه سعى إلى التخفيف من وقع العملية، متعهداً «المضي في طريق التنمية وتحقيق آمال الشعب المصري في الاستقرار والأمن». واستنفرت مؤسسات الدولة أمس لتطويق تبعات الاغتيال. كما ناقش اجتماع لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين الهجوم، بعدما أدرج على أجندة أعمال الاجتماع الذي خُصص لاعتداءي الكويت وتونس الإرهابيين، قبل أن يصدر بياناً دان فيه الهجوم. وأصدرت الرئاسة المصرية بياناً نعت فيه «ببالغ الحزن والأسى» بركات. وقالت: «فقدت مصر اليوم قامة وقيمة قضائية شامخة طالما تفانت في العمل والتزمت بآداب وأخلاق مهنة القضاء النبيلة، وضربت مثالاً يُحتذى في الوطنية والعمل الجاد والدؤوب. وسيظل الفقيد الذي اغتالته يد الإرهاب الآثمة بعطائه الممتد وسعيه الدائم إلى إقرار العدالة رمزاً لرجل القضاء المصري النزيه». وأكدت أن «مرتكبي هذه الجريمة النكراء سيلقون أشد العقاب»، مشددة على أن «مثل هذه الأعمال الخبيثة لن تثني الدولة عن مواصلة طريق التنمية وإقرار الحقوق وتحقيق آمال وطموحات أبناء الشعب المصري في الاستقرار والأمن». وأعلنت وقف المظاهر الاحتفالية التي تم إعدادها لإحياء الذكرى الثانية لتظاهرات 30 حزيران (يونيو) التي سبقت عزل الرئيس السابق محمد مرسي، «حداداً على الفقيد الراحل». وكان السيسي اجتمع أمس بوزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار الذي عرض «المعلومات الأولى عن الجريمة، وما تتخذه الوزارة من إجراءات لكشف الجناة وتمشيط منطقة الحادث». وطالب السيسي ب «سرعة الكشف عن الجناة وتقديمهم للعدالة، واتخاذ الإجراءات اللازمة كافة للتصدي بحزم لمثل هذه الحوادث التي تستهدف زعزعة الاستقرار وترويع المواطنين الآمنين». ووفقاً لبيان رئاسي، فإن وزير الداخلية «عرض أيضاً ملامح خطة تأمين البلاد في ذكري 30 حزيران بالتنسيق مع القوات المسلحة، إذ رفعت حال الاستنفار القصوى في جميع القطاعات وكُثّف الوجود الأمني أمام المؤسسات والمنشآت الحيوية ومرافق الدولة وحولها للتصدي لأي محاولات آثمة لإشاعة الفوضى وترويع المواطنين». وتعهد أن الشرطة «ستتصدى لأشكال العنف كافة وستواجه أي محاولات للخروج على القانون بكل حزم وقوة وفقاً للقانون». وقطع رئيس الحكومة إبراهيم محلب زيارته إلى أسوان، وألقى نظرة على جثمان النائب العام في مستشفى النزهة قبل تشييعه. وأصدر بياناً قال فيه: «لقد ضحى الراحل الكريم بحياته، واستشهد ثمناً لأدائه الواجب ودفاعه عن الحق والعدل، وانضم إلى أشقائه من رجال القضاء والقوات المسلحة والشرطة الذين رووا بدمائهم العطرة تراب هذا الوطن، وضحوا بأرواحهم فداء لوطنهم الغالي». وشدّد على أن «المصريين قادرون على الثأر لهذه الدماء الزكية». وأكد أنه «كمواطن مصري قبل أن أكون رئيساً للوزراء مستعد في هذه المرحلة الفارقة من عمر الوطن للتضحية بروحي من أجل وطني، فالأرواح تهون من أجل الأوطان»، لافتاً إلى أن «الإرهاب لا يهزم إرادة الشعوب، ولن يستطيع كسر إرادة المصريين أو تقويض عزيمتهم». ونعت وزارة الداخلية بركات، وتعهدت «سرعة ملاحقة الجناة والقبض عليهم، وتقديمهم للعدالة»، مؤكدة أن «أجهزة الأمن ستواجه الإرهاب بكل قوة». أما وزير العدل أحمد الزند فأكد أن «الحادث الإرهابي الإجرامي الآثم الذي تعرض له النائب العام لن يثني قضاة مصر وأعضاء النيابة العامة عن أداء رسالتهم السامية وواجبهم الوطني الذي أناطهم به الدستور في إعمال حكم القانون في مواجهة العناصر الإرهابية وغيرها من مرتكبي الجرائم». واعتبر أن «مثل هذه الجرائم الإرهابية تأتي في إطار المحاولات اليائسة لعناصر الإرهاب لإثناء القضاة ورجال النيابة العامة عن أداء دورهم في إنزال صحيح حكم القانون في شأن جرائمهم»، مؤكداً أنها «لن تزيد القضاة وأعضاء النيابة العامة إلا إصراراً على تطبيق أحكام القانون في مواجهة الخارجين عليه بكل شجاعة ومن دون رهبة أو خوف». ونعت الكنيسة القبطية الفقيد، واصفة إياه بأنه «محامي الشعب الذي ينوب عنه في إرساء قواعد العدالة ودولة المواطنة». وأكدت أنها «تقف بكل قوة مع القوى الوطنية كافة دفاعاً عن هيبة الدولة المصرية وسلامتها في لحظة حرجة تتزايد فيها المخاطر الإقليمية، وتتطلب من كل قوى السلام في المنطقة والعالم وقفة حازمة في مواجهة قوى التطرف والارهاب التي تشيع العنف والدمار في أرجاء المنطقة والعالم كافة». ودان حزب «البناء والتنمية»، الذراع السياسية ل «الجماعة الإسلامية» المؤيدة لمرسي، الجريمة، منبهاً إلى أن «مثل هذه التفجيرات لا يمكن بحال أن تكون طريقاً إلى تحقيق أهداف الثورة، وإنما تصب في الاتجاه الخطأ». وأكد أن «هذه التفجيرات تدق ناقوس الخطر بأن الوطن بات على مشارف نفق مظلم».