كشفت وزارة الداخلية السعودية أمس أن الانتحاري السعودي فهد سليمان القباع، الذي فجر نفسه في مسجد الإمام الصادق بالكويت (الجمعة)، لم يسبق أن تعاملت معه الجهات الأمنية في أي شأن ذي صلة بالإرهاب، وأنها على تعاون مع نظيرتها في الكويت للوقوف على أبعاد الجريمة، والأطراف المتورطة فيها، وعلاقة أي مواطنين سعوديين آخرين بها، كما يتم التواصل مع البحرين للوقوف على ما لديهم عن الفترة الزمنية التي قضاها منفذ الجريمة الإرهابية في المنامة. وأكدت «الداخلية» في معلومات بثتها على حسابها في «تويتر» أن الانتحاري (من مواليد 1992) غادر المملكة يوم الخميس الثامن من رمضان جواً من الرياض إلى المنامة على رحلة طيران الخليج رقم 170 ولم تسجل له سفرات سابقة. (للمزيد) إلى ذلك، التزم تنظيم «داعش» الصمت، إثر كشف وزارة الداخلية الكويتية هوية الانتحاري الذي فجّر نفسه في مسجد الإمام الصادق في الكويت أثناء صلاة الجمعة. وتحفظ «داعش» عن الإدلاء بمعلومات عن الانتحاري، كما لم يُدلِ أي من زملائه في التنظيم بمعلومات عنه، بخلاف ما اعتاد عليه ناشطو التنظيم في مواقع التواصل الاجتماعي. وعلمت «الحياة» بأن القباع من أهالي محافظة بريدة، في منطقة القصيم. وكان من النشطاء في تجمعات المطالبة بإطلاق موقوفين أمنياً، عُرفت باسم «فكوا العاني»، وهي صفة مشتركة جمعته مع صالح القشعمي منفّذ تفجير مسجد القديح في محافظة القطيف (شرق السعودية) الذي وقع في شعبان الماضي. كما يشتركان في توقيف عدد من أقاربهما في السجون السعودية، بتهمة «التحريض» و«الإرهاب». وقالت وزارة الداخلية السعودية عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أمس أن القباع من مواليد 1413ه (1992) وغادر المملكة الخميس 8 رمضان الجاري جواً من الرياض إلى المنامة على رحلة طيران الخليج رقم (170)، ولم تسجل له سفرات سابقة. وعلمت «الحياة» بأن القباع استقى فكره من بعض أقاربه لجهة والدته القابعين في سجون السعودية، بعد احتكاكه بهم قبل دخولهم السجن، بسبب معتقداهم وتأييدهم للفكر المنحرف، على رغم نشأته في منزل متزن، إذ كان والده معتدلاً، وكذلك بقية العائلة، إلا أنه شذ وبقي طوال السنوات الأخيرة منعزلاً، خصوصاً بعد انتقال عائلته إلى العاصمة الرياض. وتحولت حياته أثناء دراسته الثانوية، بعد أن كان سوياً في طفولته في مراحل الدراسة الابتدائية والمتوسطة، وبدأ يرفض بشدة الالتقاء مع أقاربه في المناسبات، ودائماً يصفهم بأبشع العبارات لمخالفتهم معتقداته، خصوصاً حليقي اللحى. وأكد أحد أقاربه ل«الحياة» أنه حاول ذات مرة السفر للعراق وسورية للالتحاق بالجماعات الإرهابية، لكن محاولاته فشلت. وشدد على أن جميع أقاربه حاولوا التقرب منه والتودد له، وعرضوا عليه تكملة الدراسة الجامعية التي تركها، لكنه دائماً ما يختلق الحجج. كما عرض عليه والده العمل في القطاع الحكومي أو الخاص، لكنه رفض وكان يؤكد أن العمل لدى الحكومة «محرم شرعاً». ويذكر أنه كان دائماً منعزلاً في غرفته ولا يعرف له أصدقاء. ودائماً ما يجلس الساعات الطوال أمام جهاز الكومبيوتر أو خارج المنزل من دون أن يفصح عن مكان ذهابه ومع من ذهب. وترددت أنباء غير مؤكدة عن أن المعتقل عبدالله سليمان القباع، هو شقيق الانتحاري فهد القباع، الذي تم اعتقاله قبل أشهر في أحد المطارات، بعد عودته من سورية مصاباً، إذ كان يقاتل في صفوف تنظيمات إرهابية. ويعتقد أن تنظيم داعش استفاد من كون القباع غير مطلوب لدى الأجهزة الأمنية، ليزج به في عملية انتحارية، وهي أحد التكتيكات الجديدة التي بدأ التنظيم يتبعها خلال الفترة الأخيرة، بعد مقتل وتوقيف عدد من قياداته والعناصر البارزة فيه. وكشفت وزارة الداخلية الكويتية أمس أن القباع «دخل البلاد فجر الجمعة الماضي، من طريق المطار، وهو اليوم نفسه الذي وقعت فيه الجريمة النكراء». وذكر بيان للوزارة أنها «ستوافي المواطنين بالمعلومات كافة، فور الانتهاء من التحقيقات الجارية»، مضيفة أن «الأجهزة الأمنية تعكف على البحث والتحري عن الشركاء والمعاونين في هذه الجريمة النكراء». وكانت الوزارة أعلنت تمكن أجهزة الأمن من ضبط سائق المركبة الذي تولى توصيل الإرهابي إلى المسجد، وفر بعد التفجير مباشرة. وأوضحت أن السائق يدعى عبدالرحمن صباح عيدان سعود، وهو من مواليد العام 1989، ومقيم بصورة غير قانونية في الكويت، مشيرة إلى أنه تم العثور عليه مختبئاً في أحد المنازل في منطقة الرقة (جنوبالكويت). وأضافت أن «التحقيقات الأولية أفادت بأن صاحب المنزل من المؤيدين للفكر المتطرف المنحرف، وأن أجهزة الأمن تواصل جهودها للتوصل إلى معرفة الشركاء والمعاونين في هذا العمل الإجرامي والوصول إلى الحقائق والخيوط كافة». وتفيد تحريات «الحياة» بأن القباع اختار أن يكون الجو طريقاً لتنقّلاته، ظناً منه أن ذلك سيضلل الأجهزة الأمنية، ويسهّل وصوله إلى الأهداف التي يريد تحقيقها، من دون ملاحقة. ولم تكن طول المسافة، أو ساعات الانتظار، أو ملامح الأطفال والمسنّين التي مرّ بها في ثلاث محطات مختلفة، أسباباً كافية لإقناع القباع بالتراجع عن مخططه الذي نفذه، وراح ضحيته 27 قتيلاً، و227 مصاباً. بدأت رحلة القباع مساء الخميس 26 حزيران (يونيو) الجاري، حينما اتجه إلى مطار الملك خالد الدولي في الرياض، ليحجز مقعداً فردياً، يقله إلى مطار البحرين الدولي، الواقع في أطراف جزيرة المحرق، زارعاً عدداً من التساؤلات. وحطّت الطائرة في مطار البحرين الدولي، في العاشرة وربع مساء الخميس. وظلّ القباع جالساً في مقاعد الانتظار بمطار المنامة الدولي لنحو ثلاث ساعات ونصف الساعة، وهو يفكر في الطريقة التي يصل بها إلى مسجد الإمام الصادق في منطقة الصوابر في الكويت. وأطلقت إدارة مطار البحرين الدولي النداءات المتكررة للمسافرين، مطالبة إياهم بالاستعداد لركوب الطائرة المتجهة إلى مطار الكويت الدولي، في الساعة الأولى وعشر دقائق فجراً. وهي الرحلة التي نقلت القباع إلى مطار الكويت فجر الجمعة. وذكر مصدر بالسفارة السعودية في الكويت ل«الحياة» أن القباع، لم يقم بالعملية الانتحارية فور وصوله لمطار الكويت الدولي مباشرة، بل أمضى ما بين وصوله إلى المطار والقيام بالتفجير نحو عشر ساعات. وفي المنامة، علمت «الحياة» أن الأجهزة الأمنية البحرينية قررت رفع مستوى التأهب الأمني حول دور العبادة في البلاد، في أعقاب الهجمات التي تعرضت لها مساجد وحسينيات في السعودية والكويت على مدار الأشهر الماضية. فيما انتشرت تهديدات قبل أيام، نسبت إلى أحد قادة «داعش» ذوي الأصول البحرينية، من الموجودين في الخارج، توعد فيها بأن يكون الهجوم التالي على مسجد «شيعي» في البحرين.