فاجأت سارة حامد (21 سنة) صديقاتها في الجامعة في اليوم الأول للامتحانات بارتدائها الحجاب، وظنَّ الجميع أن الفتاة التي اشتهرت بجمالها بين طلاب دفعتها لا تملك الوقت للعناية بشعرها الطويل الجذاب خلال الامتحانات فارتدت الحجاب موقتاً وستعود إلى سابق عهدها بعد ذلك، لكنهم اكتشفوا أنها قررت ارتداءه لسبب آخر. سارة التي تقطن مع عائلتها في حي السيدية في بغداد منذ سنوات وتدرس في كلية اللغات في جامعة بغداد، نشأت في عائلة مثقفة تقدر الكتاب ولا تعير اهتماماً للقيود التي يفرضها المجتمع، لكنها رضخت أخيراً لتلك القيود في شكل مفاجئ وارتدت الحجاب بعدما تلقت تهديداً مباشراً من أحد الشباب القاطنين في الحي والذي يعمل مع إحدى الميليشيات المتشددة التي تحاول فرض قيودها الاجتماعية أينما حلّت. «اعترض طريقي وقال لي نحن نقاتل «داعش» في الجبهات وندفع الدماء وانتِ تتبخترين بملابس غير محتشمة وينسدل شعرك بحرية، إما أن تتحجبي أو سنقص شعرك في المرة المقبلة» تقول سارة بألم وهي تتذكر الموقف. وتضيف: «خاطبني بلهجة بذيئة زوّقت بعض ألفاظها حينما رويت القصة حياء من الموقف لكنني خرجت في اليوم الثاني من المنزل وأنا ارتدي الحجاب بعدما استعرت غطاء الرأس من خالتي التي كانت تزورنا». سارة التي اشتهرت بملابسها الأنيقة بين زملائها اعتقدت أنها لو اتخذت قراراً شخصياً بارتداء الحجاب فستقوم بجولة تسوّقية خاصة لذلك الغرض، تختار فيها عشرات الألوان التي تتأقلم مع موديلات الملابس التي تملكها وهي ملابس تصلح للحجاب مع بعض الإضافات البسيطة لكنها لم تتوقع يوماً أنها ستتحجب خوفاً من الاستهداف وسترتدي غطاء رأس بسيطاً حصلت عليه من طريق الاستعارة. وتقول سارة: «كنت ألوم صديقاتي اللواتي يسكنَّ في مناطق شعبية لأنهنَّ يرضخنَّ للضغوط الاجتماعية ويرتدين الحجاب على رغم عدم قناعتهنَّ به، ولم أقتنع يوماً إن هناك ظروفاً قاسية تجبر النساء على الحجاب حتى وإن لم يرغبنَ فيه حتى تعرضت لذلك الموقف». مرّ شهر كامل على ارتداء «جميلة الكلية» كما يصفها زملاؤها الحجاب واستطاعت في هذا الشهر شراء ألوان وانواع كثيرة من مناديل الرأس لكنها ما زالت غير مقتنعة بالموقف وتشعر بأن تغييراً ما حصل في شخصيتها لم تختره هي عن قناعة، لكن الشيء الجيد في الموضوع أنها احتفظت بكل ملابسها التي كانت ترتديها من قبل وأضافة غطاء الرأس عليها فقط. وبدأت كثيرات من الفتيات يقبلن على الحجاب في شكل كبير في الآونة الأخيرة، بعضهنَّ مدفوعات بالخوف وأخريات وجدنه نوعاً من تسهيل الحياة. فالسافرات يحتجن إلى انتظار الكهرباء الحكومية لساعات ليستطعن تصفيف شعرهنَّ لأن الكهرباء المسحوبة من المولدات الأهلية لا تساعد في تشغيل مجفف الشعر وفي أحيان كثيرة يضطررنَّ إلى المواظبة على رفع شعورهنَّ اختصاراً للامر. جينا عادل وهي طالبة في كلية الآداب في جامعة بغداد واحدة من الفتيات اللواتي قررن ارتداء الحجاب للتخلص من عملية انتظار الكهرباء ولكن ايضاً لأن الحجاب لم يعد معقداً كما في السابق. تقول جينا: «الحجاب اليوم ليس متشدداً كما في السابق ومعظم الفتيات اللواتي يقررنَ ارتداءه يحتفظنَ بملابسهن ذاتها ويضفن اليها غطاء الرأس». وتضيف: «في السابق كان ارتداء الحجاب يعني شراء جلابيب واسعة وتنورات طويلة وقمصان جديدة بأكمام طويلة وواسعة أما اليوم فيمكن للمحجبات ارتداء ملابس غير فضفاضة أو ارتداء القمصان من دون اكمام مع لبس باديات ضيقة تغطي الأكمام تحتها، كما يمكن لهنَّ ارتداء الجينز وغيره من الملابس». التغييرات التي طرأت على الحجاب ومنها ارتداء المحجبات للتنانير القصيرة مع السراويل الضيقة بسّطت الحجاب للفتيات ورفعت الكثير من القيود عنه فلم يعد هناك فرق بين المحجبات وغير المحجبات في نوعية الملابس وألوانها إلا في غطاء الرأس. «الحجاب أصبح عملياً ويجاري الموضة ولذلك بات مقنعاً أكثر للفتيات من السابق، حتى إن المحجّبة يمكنها إظهار بعض شعرها من مقدمة رأسها ولا أحد يعترض»، تختم جينا حديثها.