ضرب الإرهاب تونس والقطاع السياحي فيها مجدداً، فبعد الاعتداء الذي طاول متحف باردو في وسط العاصمة في 18 آذار (مارس) الماضي، وسقط ضحيته 21 شخصاً، قتل شاب تونسي مسلّح برشاش كلاشنيكوف أمس، 37 شخصاً، من بينهم سياح أجانب في فندق في ولاية سوسة على الساحل الشرقي للبلاد، في ما اعتُبر الاعتداء الأكثر دموية في تاريخ البلاد. وقال الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، إثر الهجوم: «أدركنا اليوم أن تونس تواجه حركة عالمية. لا يمكنها أن تواجهها وحدها»، داعياً إلى «استراتيجية شاملة» لمواجهة الإرهاب. وأعلنت وزارتا الصحة والداخلية التونسيتين أن الحصيلة الأولية للهجوم بلغت 37 قتيلاً غالبيتهم من السياح الأجانب، ومن بينهم بريطانيون وألمان وبلجيكيون إضافة إلى 36 جريحاً، فيما قُتل المسلح أثناء محاولته الفرار. وصرح الناطق باسم وزارة الداخلية التونسية محمد علي العروي ل»الحياة»، أن الإرهابي دخل إلى فندق «امبريال مرحبا» في مدينة حمام سوسة «عن طريق الشاطئ حيث هاجم السياح وقتل عدداً منهم، قبل أن تتدخل قوات الأمن وتقتله أثناء محاولته الفرار». كذلك، أفاد وزير الدولة المكلَّف بالشؤون الأمنية رفيق الشلي بأن منفذ الهجوم، شاب «غير معروف» لدى أجهزة الأمن وهو «طالب من منطقة القيروان» (وسط). وأوضح أنه «دخل عن طريق الشاطئ في زي مصطاف قادم للسباحة، وكان يحمل شمسية خبأ فيها سلاحاً، وعندما وصل استعمل السلاح (فتح النار) على الشاطئ والمسبح وفي النزل وتم القضاء عليه عند مغادرته» من جانب قوات الأمن. وقال الشلي: «في تونس الإرهابيون موجودون والسلاح موجود، ونحن لسنا في مأمن من هذه العمليات»، فيما تمكنت وحدات الحرس الوطني (الدرك) من اعتقال متشدد في منطقة أكودة القريبة من مدينة القنطاوي يُشتبه في علاقته بالهجوم. تزامناً، أعرب الرئيسان الفرنسي فرنسوا هولاند والتونسي الباجي قائد السبسي «عن تضامنهما في مواجهة الإرهاب» بعد الاعتداءات التي وقعت في فرنساوتونس في اليوم ذاته، كما ورد في بيان صدر عن الرئاسة الفرنسية. وعبّر الرئيسان في اتصال هاتفي عن «تضامنهما في مواجهة الإرهاب وعزمهما على مواصلة وتكثيف تعاونهما في مكافحة هذه الآفة». وتُعتبر مدينة القنطاوي من أهم المناطق السياحية في تونس وتستقطب سياحاً من أنحاء العالم غالبيتهم من الأوروبيين. وتتمتع المناطق السياحية عادة بتعزيزات أمنية مشددة خصوصاً في أوج الموسم السياحي في هذه الفترة. وتسببت العملية بموجة من الغضب لدى الرأي العام الذي طالب القوى السياسية بالوحدة في مواجهة الإرهاب، في حين حمّل مراقبون الحكومة التونسية مسؤولية «التقصير أمنياً»، خصوصاً أن أكثر العمليات دموية حصلت في عهدها. وأوقفت الوحدات الأمنية التونسية أخيراً، عشرات «العناصر التكفيرية» التي خططت لاستهداف منشآت أمنية وحيوية في محافظات عدة، كما أحبطت وحدات مكافحة الإرهاب مخططات إرهابية وضبطت أسلحة وذخائر. وكانت السلطات الأمنية حذرت من ارتفاع وتيرة الهجمات الإرهابية في شهر رمضان. إلى ذلك، اعتبرت وزيرة السياحة التونسية سلمى اللومي أمس، أن حصيلة الهجوم كارثية، خصوصاً أنها أتت في ذروة الموسم السياحي، متوقعةً أن يؤثر هذا الهجوم سلباً في السياحة. ويعتبر القطاع السياحي من القطاعات الاستراتيجية في تونس ويشكّل نحو 7 في المئة من الناتج القومي. ويجذب عُشر الاستثمارات ووعود الاستثمار في البلاد، ويشغل أكثر من 10 في المئة من اليد العاملة.