شهد سجن رومية المركزي اللبناني أمس، أعمال شغب في المبنى «أ» حيث يقضي محكومون بجرائم غير سياسية محكومياتهم، في وقت يجهد المسؤولون المعنيون للملمة تداعيات شريط التعذيب الذي تعرض له موقوفون في السجن المذكور لكن في مبنى آخر، قبل نحو شهرين ونشر على مواقع التواصل الاجتماعي قبل يومين. وقاد التمرد في المبنى «أ» السجين ط. ش المحكوم بجرم تجارة مخدرات، وأقدم المساجين على خلع أبواب زنزانات الطابق الأول في مبنى المحكومين، واعتدوا بالضرب على 3 سجناء وحطّموا غرفهم بتهمة «التعامل مع إدارة السجن». وحضرت قوة احتياط من الفهود في قوى الأمن والقوة الضاربة في شعبة المعلومات، إلى سجن رومية للتدخل في حال تطورت الأمور داخل المبنى «أ»، في وقت أرسل وزير الداخلية نهاد المشنوق مستشاره لشؤون السجون العميد منير شعبان إلى السجن للاستماع إلى مطالب المساجين. وكان المتمردون، ووفق رئيس جميعة «عدل ورحمة» الأب هادي عيا، أخرجوا عناصر قوى الأمن الداخلي من المبنى وسيطروا عليه تماماً. وبالتزامن، أقدم أهالي عدد من المحكومين على قطع الطريق لبعض الوقت في الأوزاعي بالاتجاهين ما تسبب بازدحام مروري في المحلة. ولاحقاً، دخلت قوة مشتركة من القوة الضاربة والفهود إلى المبنى «أ»، وبمجرد بدء دخولهم أعلن السجناء المتمردون وقف أعمال الشغب ولم تسجل أي مقاومة للقوة الأمنية. وأعيد الأمن إلى المبنى المذكور. وختم أمس، التحقيق في قضية الشريط المصور بناء على إشارة النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود. وأوقف حمود على ذمة التحقيق خمسة عناصر أمنيين، وأحال المحضر وفق الصلاحية، إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر لإجراء المقتضى بشأن الادعاء. معلومات عن الاعتداء وبدأت تتكشف معلومات جديدة حول الموضوع، وعلمت «الحياة» من مصادر وزارية مواكبة للاجتماع الذي ترأسه رئيس الحكومة تمام سلام أول من أمس، وخصص للبحث في قضية الاعتداء على السجناء وإنزال أشد العقوبات بالفاعلين، أن أحد العناصر قام بتصوير الشريط أثناء الاعتداء عليهم وأنه سلمه إلى اثنين من رفاقه العسكريين. وتبين خلال الاجتماع أن اثنين من العناصر الأمنيين الذين شاركوا في الاعتداء على السجناء لم يكونا في عداد القوة الأمنية التي داهمت مبنى «د» لإنهاء التمرد الذي قام به سجناء، وكانا مكلفين بتأمين أمور لوجستية لقوة الدهم. وهذا ما يركز عليه التحقيق الذي تجريه «شعبة المعلومات» في قوى الأمن بإشراف القاضي حمود لجلاء الحقيقة وتبيان المسؤولين عن الاعتداء على السجناء. ولفتت المصادر إلى أن التحقيق يركز حالياً على الدوافع وراء مشاركة هذين العنصرين في الاعتداء على السجناء، إضافة إلى أنه يتعمق في التحقيق لتحديد من قام بتسريب شريط الفيديو ونشره على مواقع التواصل الاجتماعي خصوصاً أن الاعتداء حصل قبل شهرين، ما يطرح علامة استفهام حول توقيت بث الشريط في الأيام الأولى من شهر رمضان المبارك وهل من جهة تقف وراء تعميمه؟ المشنوق وريفي وعقد وزيرا الداخلية نهاد المشنوق والعدل أشرف ريفي اجتماعاً في مقر وزارة الداخلية. واعتبر المشنوق في مؤتمر صحافي بعد الاجتماع أن «لدينا تجربة واضحة بمواجهة التطرف ولن نتراجع عنها ونستمر فيها في كل مكان في لبنان ومن يخطئ سيحاسب بالقانون لا بالإعلام ولا بالتشهير ولا بالشتائم ولا بالتكفير». وقال: «هناك قانون عسكري يضبط عمل العسكريين ويحاسبهم على أعمالهم». وأكد أن «التحقيق سينتهي خلال يومين أو ثلاثة أيام بحد أقصى». وعن مصدر تسريب الأشرطة، لفت إلى أنه «لم يُعرف بعد وليس لدينا معلومات دقيقة عن المصدر لكن سيتبيّن لنا». أما ريفي فاتّهم «حزب الله» بتسريب الأشرطة». وقال: «أنا مسؤول عن كلامي وأعني ما أقول». وأضاف: «المواطنون رأوا شريطين ولكنّ هناك شريطين آخرين تم بثّهما في التوقيت نفسه لم يرهما إلا قلة من الناس وليسا لدى أحد سوى «حزب الله» ومستعد أن أوفرهم لكل الناس». ورأى أن «البلد يمرّ بلحظات دقيقة وحساسة جداً»، معتبراً أن «هناك مسؤولية وطنية لحماية البلد مهما كلّف الأمر». وأشار إلى أن «التطور في سورية يتسارع كثيراً وعلينا كلبنانيين تحضير أنفسنا لحصر تداعيات سقوط الرئيس بشار الأسد بأقل ما يمكن من تداعيات سلبية على الوضع اللبناني». وأكد أن «التحقيق مستمر إلى النهاية مهما كلف الأمر ولن نتساهل بالتحقيق ولا بالمحاكمات». ميقاتي: حملة مبرمجة وكان مكتب الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي رد على ما وصفه ب «حملة مبرمجة تقوم بها وسائل إعلام «تيار المستقبل» لذر الرماد في العيون، متناسية أن أصل المشكلة يكمن في تعرض عشرات السجناء لضرب مبرح عن سابق إصرار وتصميم. ووصلت الوقاحة والفجور إلى الحديث عما أسموه «تركة حكومة الرئيس ميقاتي من السجناء الإسلاميين»، معتبراً «أن خير من جسّد الاستغلال السياسي هو تيار المستقبل، وأول من أشار إلى وجود «أفلام التعذيب» صبيحة الأحد هو وزير العدل، وجاء تصريح الرئيس ميقاتي ليشكك في صحة هذه الأفلام نظراً إلى فظاعة المشاهد المصوّرة وطالب بإجراء تحقيق شفاف لتبيان حقيقة الموضوع. وما أزعج «المستقبليين» التصريح الثاني للرئيس ميقاتي الذي طالب فيه المسؤولين بتحمل مسؤولياتهم الوطنية والأخلاقية عن واقعة كانوا نفوا حصولها قبل شهرين». وأكد ان «ملف الموقوفين الإسلاميين» ليس من تركة حكومة ميقاتي، بل منذ بدء أحداث الضنية عام 2000 وأحداث مخيم نهر البارد عام 2007 إبان تولي «تيار المستقبل» السلطة التنفيذية». وشدد النائب محمد كبارة على أن «شعار الحقيقة والعدالة غير قابل للتجزئة أو التفريق»، محذراً من «التلاعب بأدلة جريمة التعذيب الوحشي التي جرت في سجن رومية» مذكراً بأن «وزير الداخلية قال بعد الدهم أنه تم من دون ضربة كف». ولفت إلى «أن جريمة التعذيب والضرب تمت بقرار وبأمر، وطاولت العشرات، وأسفرت عن إصابات بالغة، وعندما أبلغنا الوزير المشنوق بما لدينا من معلومات نفى كل شيء، وعندما طالبناه بلجنة تحقيق محايدة، رفض ومنع زيارة الأهالي كي لا يشاهدوا أولادهم المصابين وكي لا يشهدوا على الإصابات».