يشير قتل موظفين بوكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي ايه) على يد مهاجم انتحاري أشيد به على شبكة الإنترنت بوصفه جيمس بوند المتشددين الى أن حلفاء تنظيم القاعدة في جنوب آسيا طوروا قدرة لم يسبق لها مثيل على تعطيل جهود الغرب في مجال المخابرات. ويظهر الهجوم الذي نفذه عميل أردني مزدوج ايضا أن حرص المتشددين على قتل عناصر المخابرات الغربية بات اكثر من حرصهم على اختراقهم مما يبرز التحدي المثبط للهمة الذي تواجهه أجهزة المخابرات الغربية التي تسعى الى زرع مرشد بين قيادات القاعدة البارزة. وفجر العميل همام خليل ابو ملال البلوي نفسه في 30 ديسمبر كانون الأول داخل قاعدة تشابمان وهو مجمع أميركي حصين في إقليم خوست بجنوب شرق أفغانستان فقتل سبعة ضباط بالمخابرات المركزية الأميركية وضابطا أردنيا. وأسعد الهجوم وهو ثاني اكبر هجوم من حيث عدد القتلى في تاريخ سي آي ايه أوساط مروجي الدعاية لتنظيم القاعدة على مستوى العالم الذين ابتهجوا لاكتشافهم أن البلوي مؤلف بعض اكثر التعليقات المناهضة للغرب شهرة على الإنترنت وكان ينشرها تحت اسم مستعار. وتساءل اسد الله الشيشاني، وهو أحد أنصار تنظيم القاعدة في تعليق، من يكون جيمس بوند الخاص بنا وأجاب السؤال قائلا إنه ابو دجانة وشعاره.. دعوني أموت او أعيش حرا. وابو دجانة هو الاسم المستعار الذي كان البلوي يستخدمه في الكتابة. وجاء الهجوم بعد محاولة فاشلة لتفجير طائرة أميركية فوق ديترويت في 25 ديسمبر وقتل مسلح مرتبط بداعية يتخذ من اليمن مقرا له 13 في قاعدة للجيش الأميركي في 5 نوفمبر تشرين الثاني وسلسلة من الاعتقالات لمتشددين مشتبه بهم في الولاياتالمتحدة عام 2009. ويقول خبراء في مكافحة الإرهاب إن هذه الحوادث تظهر مدى عزيمة مراكز المتعاطفين والممولين والمؤيدين المنتشرة على مستوى العالم التي رعاها أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة مع خضوعه لضغوط متزايدة من جراء هجمات الطائرات الأميركية بدون طيار في جنوب آسيا حيث يعتقد أنه مختبيء. ويدرس محققون الصلات المحتملة بين هجوم 30 ديسمبر وحليفين محليين على الأقل لتنظيم القاعدة هما حركة طالبان الباكستانية وشبكة حقاني المرتبطة بطالبان الأفغانية التي تقاتل القوات الأميركية في أفغانستان. وزادت موجة من الدعاية قادها متشددون وأحاطت بالهجوم من هذا التركيز. وذكرت قناة الجزيرة الفضائية التلفزيونية أن البلوي قبيل الهجوم الانتحاري سجل شريط فيديو يحث فيه على الانتقام لقتل بيت الله محسود زعيم طالبان الباكستانية في هجوم بطائرة أميركية بدون طيار العام الماضي. وعرضت قناة (آج) التلفزيونية ما قالت إنه تسجيل مصور للبلوي وهو يجلس مع خليفة بيت الله وهو حكيم الله محسود زعيم طالبان الباكستانية وقالت إنه أطلعه على أسرار للدولتين الأميركية والأردنية مع المتشددين. وقال برينجار ليا استاذ البحث بمؤسسة أبحاث الدفاع النرويجية "الهجوم والتصريحات التي صدرت بشأنه تظهر أن الصلات بالشركاء المحليين أساسية في مهمة القاعدة." ومضى يقول "لو لم يفز تنظيم القاعدة بالحظوة عند الجماعات المحلية لعرض نفسه لمخاطر جمة" في إشارة الى اعتماد زعماء القاعدة وأغلبهم من العرب على مضيفيهم بجنوب اسيا في توفير الأمن لأنهم يتمتعون بقوة عسكرية اكبر. كان مسؤولو مخابرات سابقون قد قالوا إن المخابرات الأردنية جندت البلوي لاختراق القاعدة وطالبان وإعطاء واشنطن أفضلية مخابراتية كانت تسعى اليها بإلحاح خاص منذ هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001. وارتبط البلوي بالإسلاميين فيما مضى لكن أجهزة المخابرات الأردنية اعتقدت أنه تم "إبعاده عن التطرف" بنجاح. وقال محللون إن المفهوم أن المخابرات الأردنية كانت تأمل أنه قد يكون شخصا له مصداقية ويتمتع بالذكاء والجرأة لاختراق قيادات الصف الأول بالقاعدة والعمل دون أن يرصد. لكن بعض المعلقين يرون أن رغبة الجهاز في زرع عميل في مكان جيد ربما دفعت به الى التغاضي عن بعض المسائل الأمنية. وقال مسؤول غربي في مجال مكافحة الإرهاب إن الهجوم أظهر أن تنظيم القاعدة "لا يلعب لعبة مخابرات وكان هذا يعني الإبقاء على الرجل حيا داخل نظامنا. إنه في حالة حرب ويريد تسديد ضربة مميتة." ومضى يقول "نحن من يلعب لعبة المخابرات. هل كنا نتوق بشدة لإحراز تقدم كبير على صعيد هذه الجهود لدرجة أننا جرفنا الحماس؟" ونفى ليون بانيتا مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية أن يكون هناك اي شعور بالاطمئنان وراء ما حدث. وكتب في صحيفة واشنطن بوست "لم تكن مسألة ثقة في أصل مخابراتي محتمل بل حتى أصل وفر معلومات استطعنا التحقق من صحتها من مصادر مستقلة. الأمر لا يكون بهذه البساطة ابدا ولم يتجاهل أحد المخاطر. "كان هذا الشخص على وشك الخضوع للتفتيش من قبل ضباط الأمن التابعين لنا وعلى مسافة من عناصر المخابرات الأخرى حين أطلق متفجراته." ويقول محللون إن حاجة الغرب الى مصادر ستضمن على الأرجح احتفاظ اجهزة المخابرات الغربية بصلاتها بالأردن. وقال روبرت ايرز الضابط السابق بالمخابرات الأميركية لرويترز "لو كان الأردنيون بالكفاءة التي نعتقدها فإن الولاياتالمتحدة ستكون مجنونة اذا قطعت العلاقة."