منذ فترة طويلة خيم خبر صفقة تبادل الأسرى على معظم الأجواء الفلسطينية وغطى مساحة كبيرة بانتظار إتمام الاتفاق النهائي بين الطرفين «الفلسطيني والإسرائيلي» بوساطة مصرية، يسفر عن خروج المعتقلين الفلسطينيين من سجون الاحتلال وتسليم الجندي الإسرائيلي «جيلعاد شاليط» المحتجز لدى المقاومة في قطاع غزة، هذه الصفقة التي تجري وسط حال من الترقب والحذر الشديدين، وذلك كونها تتم بعيداً عن وسائل الإعلام، ما أدى الى عدم معرفة ما يدور في غرف المفاوضات من المواطنين وذوي الأسرى والمهتمين بكيفية إتمام هذه الصفقة والشروط التي ستقبل بها حركة حماس، وما سيتم التوصل إليه خلال الساعات المقبلة، خصوصاً ان هناك تفاؤلاً كبيراً في كثير من الأوساط الفلسطينية بأن هذه الصفقة ستستطيع أن تكسر كثيراً من الرفض الإسرائيلي والقيود التي سادت طويلاً في عمليات التفاوض، وذلك من خلال الإفراج عن أسرى القدس الشريف، وذوي الأحكام العالية الذين ظلوا خارج عمليات الإفراج والتبادل، وظلت إسرائيل تلوح بأنها لن تفرج عن أي شخص من هؤلاء الذين تصفهم ب «الملطخة أيديهم بالدماء»، وأبقتهم في المعتقلات ولم يدخلوا في أي عملية إفراج، وخارج حدود الاتفاقات. ومع ظهور إشاعات كثيرة حول ما يمكن أن يتضمنه هذا التبادل، وأقاويل مفادها إبعاد ذوي الأحكام العالية عن ارض الوطن الى دول عربية وأخرى أجنبية، في سابقة خطرة لم تعهدها عمليات التبادل من قبل، ورفض إسرائيل المستمر للإفراج عن بعض الأسماء التي وردت وترددت كثيراً على وسائل الإعلام، هؤلاء هم الذين يشكلون طليعة الشعب الفلسطيني، وقد حوكموا بأحكام جائرة وباطلة وبفترات زمنية كبيرة لما قاموا به من تضحيات وبطولات على طريق الحرية والاستقلال، وخلو الاتفاق من الأسرى المقدسيين الذين حاولت إسرائيل إبعادهم دائماً عن أي إفراجات وهي تتعامل معهم بطريقة مختلفة ومتشددة وتحاول الفصل بينهم وبين أسرى الضفة الغربية وقطاع غزة، وظلوا لا يجدون فسحة أمل لهم وعاشوا سنوات من العزلة، فهل ستبقى القواعد التي تفرضها إسرائيل أيضاً في هذه الصفقة، أم ستتغير وستتبدل وستفرض المقاومة شروطها وقواعدها الجديدة التي نادت بها؟ وبالتالي سنرى إفراجاً عن ذوي الإحكام العالية وسنحتفل بخروج القادة الى بيوتهم وقد عادوا من مهماتهم الفدائية ليلتئم شملهم مع عائلاتهم وقد فرقهم السجن والمعتقل سنوات طويلة وعادوا الآن بفضل ما أنجزته ثورتهم. وفي ظل هذا التعتيم الإعلامي الذي يسود أجواء المفاوضات إلا أن هناك ما يبشر بقرب إتمام عملية التبادل خلال الأيام القليلة المقبلة ونجاح الوساطة المصرية، التي بذلت دوراً كبيراً في هذا الجانب، ولكن من دون معرفة ما الذي ستحمله هذه الصفقة من اشتراطات وبنود؟ وهل حقاً ستفرض رؤية تفاوضية فلسطينية جديدة؟ أم أن كل هذا الانتظار الطويل، وهذا الحصار الأليم الذي احتملته غزة، وكل ما سقط عليها من نيران أحرقت فرحتها وأرهقتها وبدلت شكل الحياة فيها، سيفضي الى تبادل لا يحمل إلينا خبر الإفراج عن مروان البرغوثي واحمد سعادات وعبدالله البرغوثي وعباس السيد وعيسى عبد ربه وكل الأسرى والأسيرات الذين طالما رفضت إسرائيل الإفراج عنهم بوصفهم «الملطخة أيديهم بالدماء». بانتظار صفقة التبادل مرت الأيام ثقيلة، وجاء عيد الأضحى على الفلسطينيين الذين عاشوا على أمل أن تتم تلك الصفقة قبل العيد، ولكن لم يفقد أهالي الأسرى هذا الأمل، خصوصاً ان جميع المؤشرات تدل على أنها باتت قريباً ولا يفصلهم عن لقاء أبنائهم وإخوانهم سوى بضعة أيام... أمل يدق كل بيت أسير... ورجاء من كل فلسطيني الى المفاوضين أن تشمل هذه الصفقة ذوي الأحكام العالية وقادة العمل الوطني والنضالي، وأسرى القدس وأسرى «فلسطيني 48».