لمناسبة ذكرى ميلاد الأديب المصري الراحل يحيى حقي (1905-1992) نظمت دار «نهضة مصر» ندوة في «مكتبة مبارك» في ضاحية الجيزةجنوبالقاهرة، حضرتها نجلته نهى والكاتبان يوسف الشاروني وبهاء طاهر. وحضر الندوة أيضاً رسام الكاريكاتير مصطفى حسين الذي صمم أغلفة المجموعة الكاملة لأعمال يحيى حقي الصادرة أخيراً عن دار «نهضة مصر». وفي كلمته خلال الندوة أشار يوسف الشاروني إلى مقولة حقي إن ميله إلى التحديد والحتمية هو الذي جعل قبضته في القصة الطويلة تضعف، ولعل هذا هو الذي جعله لا يجرب كتابة الرواية. واستطرد: «إلى جانب ما تركه مسقط رأسه (حي السيدة زينب الشعبي في القاهرة) والبيئة الأسرية واتصاله بالمدرسة الحديثة وليدة ثورة 1919، فإن إنتاج صاحب «قنديل أم هاشم» مثل صراع المقال الأدبي مع القصة القصيرة في المعنى الغربي، فكانت محصلة هذا الصراع لديه غلبة ما يعرف في النقد الأدبي بالصورة القصصية. وأضاف الشاروني أن مجموعة «عنتر وجوليت» هي أنصع دليل على هذا الصراع، مشيراً إلى أنه دائماً ما كان يردد قول تشيكوف: «إن القصة القصيرة الجيدة هي التي لها مقدمة محذوفة». ولفت الشارونى إلى أن قصص يحيى حقي في المرحلة المبكرة من حياته الأدبية (1926 - 1933) سواء المنشورة في صحيفة «الفجر»، أو في صحف أخرى ك «السياسة»، و«المجلة»، و«المجلة الجديدة»، تتضمن معظم البذور التي تطورت ونمت بعد ذلك. وأولها تطبيق الدعوة إلى خلق أدب نابع من البيئة المصرية، واهتمامه بعالم الحيوان، واتجاهه الواقعي والرمزي، واهتمامه بعامل الإرادة في حياة أبطاله، لاسيما عامل الجنس في تلك المرحلة الأولى، ثم حواره العامي. ورأى الشاروني أن ذلك أمر ظل يحيى حقي مخلصاً له حتى آخر مجموعة قصصية نشرها وهي «عنتر وجوليت». وتطرق الى فهمه لاستخدام اللفظة العامية حدده بخمسة شروط منها : ألا يجد في الفصحى - بمقدار علمه – لفظاً يؤدي المعاني والإيحاءات التي يحتاج إليها ويمده بها اللفظ العامي وحده، أن يكون شكله شبيهاً بأشكال اللغة الفصحى، وأن يضعه في الجملة كما تنطق به العامة فلا يخضعه لقواعد النحو والصرف، فضلاً عن إجراء أكثر من تجربة على الشكل القصصي وأخيراً – وهو أبرز خصائصه الفنية – غلبة الصورة القصصية على إنتاجه.