أعلن «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب»، أمس، مقتل زعيمه ناصر الوحيشي (أبو بصير) بضربة جوية أميركية، وعيّن قائده العسكري قاسم الريمي (أبو هريرة) خليفة له. ويشكّل مقتل الوحيشي ضربة لا يُستهان بها لفرع «القاعدة» الخليجي، إذ أنه مؤسس هذا الفرع عام 2009، كما كان منذ العام 2013 «نائب» زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري، إضافة إلى أن قتله يتوّج سلسلة نجاحات حققها الأميركيون منذ بداية هذه السنة في القضاء على قياديين بارزين في «قاعدة جزيرة العرب»، ما يوحي بأن هناك اختراقاً على مستوى عال داخل التنظيم. ويُضاف إلى كل ذلك أن غياب الوحيشي يأتي في وقت يتعرض فرع «القاعدة» في اليمن لضغوط متزايدة من مؤيدي تنظيم «الدولة الإسلامية» الذين باشروا بالفعل نشاطهم أخيراً منفذين هجوماً دموياً ضد مسجد للحوثيين في صنعاء. ويواجه قاسم الريمي، خليفة الوحيشي، مهمة صعبة تتمثّل ليس فقط في التصدي لتمدد «داعش» على حساب «القاعدة» في اليمن، بل أيضاً استغلال الفوضى الحالية في البلاد للتمدد على حساب الحوثيين ومعارضيهم من مؤيدي الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي. وجاء الإعلان عن مقتل الوحيشي في شريط فيديو وزعته مؤسسة «الملاحم»، الذراع الإعلامية ل «القاعدة في جزيرة العرب»، وقرأ فيه بيان النعي القيادي خالد عمر باطرفي (أبو المقداد الكندي) الذي أشار إلى مقتله مع إثنين آخرين بغارة أميركية لم يحدد موقعها. وكان ناشطون تحدثوا الجمعة الماضي عن مقتل ثلاثة من «القاعدة» بضربة جوية استهدفت سيارتهم في المُكلا، عاصمة محافظة حضرموت. وقالوا إن عناصر التنظيم طوقوا موقع الضربة ومنعوا الاقتراب منه ونقلوا أشلاء الجثث، ما أوحى بأن بين القتلى أحد القادة، من دون أن يُعرف أنه الوحيشي. وتمسك باطرفي في الشريط بمواصلة «القاعدة» قتال الحوثيين و «أنصار المخلوع» (الرئيس السابق علي عبدالله صالح)، قائلاً إنهم يخوضون معارك ضدهم على «11 جبهة». وقال إن «أكبر عدد ممكن» من قياديي فرع «القاعدة» اتفقوا على مبايعة قاسم الريمي على رأس التنظيم، متعهداً مواصلة الحرب ضد الأميركيين. وعمل الوحيشي «أمين سر» زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن في أفغانستان خلال التسعينات، وقاتل الأميركيين في تورا بورا عام 2001، قبل أن يفر إلى إيران حيث اعتُقل وسُلّم لاحقاً إلى حكومة اليمن التي سجنته حتى العام 2006 عندما نجح في الفرار من سجنه في صنعاء. وفي العام 2009 أسس الوحيشي فرع «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» من خلال توحيد جناحي التنظيم في اليمن والسعودية. وخلال سنوات قليلة حوّل الوحيشي تنظيمه إلى واحد من أكثر فروع «القاعدة» نشاطاً وأحد أكثرها خطورة بالنسبة إلى الأميركيين الذين نجوا في أكثر من مرة من هجمات حضّر لها التنظيم في اليمن، بما في ذلك محاولة «انتحاري نيجيري» تفجير طائرة ركاب مدنية عام 2009، وإرسال أجهزة طباعة «مفخخة» عبر طائرتي شحن إلى الولاياتالمتحدة عام 2010. ويقول ناشطون إن الوحيشي نجح أيضاً في نسج روابط قوية مع قبائل يمنية، ما أمّن لتنظيمه «بيئة حاضنة» وفّرت للتنظيم الحماية عندما تعرض لضغوط كبيرة من قوات الحكومة اليمنية ومن الضربات الأميركية بطائرات بلا طيار. ووضعت السلطات الأميركية جائزة قدرها 10 ملايين دولار لمن يقودها إليه، علماً أن نائبه السعودي سعيد الشهري (السجين السابق في غوانتانامو) قُتل بضربة أميركية عام 2012. ونجح الأميركيون منذ مطلع هذه السنة في قتل عدد من القادة البارزين في «قاعدة جزيرة العرب» بينهم المسؤول الشرعي حارث الناظري، والناطق الإعلامي إبراهيم الربيش، والقيادي العسكري ناصر الأنسي. وفي واشنطن اكد البيت الابيض مقتل الوحيشي وقال ان مصرعه يشكل «ضربة قوية» للتنظيم وفروعه في المنطقة. وقال المتحدث باسم مجلس الامن القومي الاميركي نيد برايس ان «مقتل الوحيشي يزيل من ساحة المعركة قائداً ارهابياً محنكاً، ويقربنا من اضعاف وهزيمة هذه الجماعات».