تحاذر الحكومة اللبنانية الاستجابة لطلب «جبهة النصرة» إحالة ملف التفاوض معها لإطلاق العسكريين اللبنانيين المخطوفين لديها، الى وزير العدل أشرف ريفي، بدلاً من المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، وتفضّل عدم الدخول في سجال معها على خلفية طلبها هذا. وعلمت «الحياة» أن خلية الأزمة المكلّفة التفاوض للإفراج عن العسكريين المخطوفين لدى «النصرة» و «داعش»، تتجنّب البحث في طلب «النصرة» إضافة الى أن الوزير ريفي لا يبدي حماسة للقيام بمهمة التفاوض، فيما يفترض أن تكون المفاوضات أوشكت على نهايتها وتنتظر تحديد ساعة الصفر الخاصة بالمكان والزمان للإفراح عن 16 عسكرياً تحتفظ بهم النصرة، إضافة الى الجهة التي ينقل إليها المساجين المفرج عنهم من سجن رومية. ومع أن مصادر في خلية الأزمة برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام، لم تبحث في طلب «النصرة» وتفضّل الإبقاء على اللواء ابراهيم مفاوضاً وحيداً، نظراً الى تواصله منذ فترة مع الوسيط القطري، الذي يتنقل باستمرار ما بين الدوحة واسطنبول، ومسؤولين أتراك لديهم القدرة على التأثير في «النصرة» وإقناعها بالإفراج عن العسكريين. وتعتبر المصادر نفسها، أن مجرد البحث في طلب «النصرة» يمكن أن يعيد المفاوضات الى نقطة الصفر أو أن يؤدي الى إعادة خلط الأوراق، خلافاً لأجواء التفاؤل التي أشاعها دور الوسيط القطري الذي نجح في حلحلة معظم العقد التي كانت تؤخر البدء بعملية مبادلة مساجين «إسلاميين» في سجن رومية في مقابل إطلاق العسكريين اللبنانيين. وترى المصادر أن خلية الأزمة، حتى إشعار آخر، ما زالت تعلّق أهمية على الوساطة القطرية، وأن مجرد البحث في تكليف الوزير ريفي القيام بالتفاوض يمكن أن يرتّب تداعيات، وليس في حساب الأخير، حتى إشعار آخر، التقدم لهذه المهمة. وتؤكد المصادر عينها، أن خلية الأزمة ليست في وارد إقحام نفسها في مبارزة سياسية وإعلامية بين أعضائها، وبالتالي تفضّل حصر التفاوض باللواء ابراهيم. وتكشف مصادر مواكبة لما آلت إليه المفاوضات برعاية تركية - قطرية، أن الوسيط القطري على علاقة جيدة باللواء ابراهيم، وتقول إن المفاوضات استقرت قبل أن يتبلّغ أهالي العسكريين الذين يسمح لهم بزيارة أولادهم في مقر احتجازهم في جرود عرسال البقاعية، من أحد قادة «النصرة» أبو مالك التلي، اقتراحه إسناد ملف التفاوض الى الوزير ريفي، وهذا ما صرحوا به فور عودتهم من اجتماعهم بالعسكريين المخطوفين، على صيغة للتبادل تقضي بإطلاق 16 عسكرياً لدى «النصرة» في مقابل الإفراج عن 16 سجيناً إسلامياً في رومية. وتؤكد هذه المصادر أن خلية الأزمة تتعاطى بحذر مع طلب «النصرة»، خشية من أن يكون الهدف المرسوم من ورائه الإيقاع بين أعضاء الخلية ودفعهم الى الانقسام بين مؤيد ومعارض. وتقول إن ريفي سمع كغيره بهذا الطلب وأخذ علماً به، لكنه لا يبدي استعداداً له لقطع الطريق على أي تأخير لإطلاق العسكريين بذريعة أن خلية الأزمة كلّفت مفاوضاً جديداً ليحلّ مع اللواء ابراهيم. وتعتقد المصادر المواكبة أن الوسيط القطري تعهّد كل ما هو مطلوب منه لإنجاز المفاوضات ووضع نهاية سعيدة لها بالإفراج عن العسكريين. لكن منسوب التفاؤل - وفق هذه المصادر - أخذ يتأرجح بين هبة باردة وأخرى ساخنة نتيجة لجوء الجانب المفاوض بالنيابة عن «النصرة» الى رفع عدد المطلوب الإفراج عنهم من المساجين «الإسلاميين» من 16 الى 20 سجيناً، مع أن القضاء اللبناني المختصّ يقوم بتسريع وتيرة إنجاز الملفات الخاصة بهؤلاء الموقوفين. وتبيّن أن زيادة عدد الذين تطالب «النصرة» بالإفراج عنهم، تلحظ إطلاق اللبنانية جومانا حميد، التي كانت أوقفت وهي تقود سيارة مفخخة تريد تفجيرها في مناطق وجود «حزب الله»، إضافة الى الإفراج عن العراقية ساجدة الدليمي طليقة أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم الدولة الإسلامية «داعش». إلا أن لجوء «النصرة» الى طلب تعديل اللائحة لم يمنع تفعيل المفاوضات، وهذا ما يعمل لأجله الوسيط القطري الذي لم ينقطع عن زياراته لاسطنبول ولا عن التواصل مع «النصرة».