أعلنت السلطات في إقليمجنوب السودان الذي يتمتع بحكم ذاتي أمس أن اشتباكات قبلية مستمرة منذ خمسة أيام في مناطق نائية في الإقليم أدت إلى مقتل 140 شخصاً وجرح نحو 90 آخرين، فيما حذرت عشر وكالات إغاثية في تقرير مشترك من أن السودان ربما ينزلق من جديد إلى حرب كبيرة إذا لم تتدخل الأممالمتحدة والقوى الكبرى خلال العام المقبل. وقال محافظ مقاطعة تونج دينق أيينق أليو في تصريح بثته إذاعة الأممالمتحدة في السودان إن القتال مستمر منذ السبت الماضي بين جماعات من الدينكا كبرى قبائل الجنوب في منطقة تونج الشرقية في ولاية واراب، ومجموعات مسلحة من قبائل النوير ثاني كبرى قبائل الإقليم في ولاية الوحدة الغنية بالنفط، موضحاً أن غالبية القتلى من الدينكا. وأضاف أن مسلحين من قبيلة النوير هاجموا مجموعة من الرعاة في منطقة تونج، واستولوا على خمسة آلاف رأس من الماشية، مشيراً إلى أنه لا يعرف عدد القتلى من المهاجمين لأن كثيرين شاركوا في الاشتباكات. وأكد وزير شؤون رئاسة حكومة إقليمجنوب السودان لوكا بيونق أن حكومته تعمل كل ما في وسعها لإنهاء النزاعات القبلية في جنوب السودان. وعزا في حديث إلى إذاعة الأممالمتحدة تجدد النزاعات في بعض المناطق أخيراً إلى التنازع حول الموارد. ونقلت مسؤولة العمليات الانسانية في الاممالمتحدة في جنوب السودان ليز غراند عن مصادر محلية ميدانية «مقتل ما لا يقل عن 140 شخصاً وجرح 90 وسرقة 30 ألف رأس ماشية». وأدى تصاعد الاشتباكات القبلية في جنوب السودان خلال العام 2009 إلى مقتل 2500 شخص، وإجبار نحو 350 ألفاً على النزوح من مساكنهم، بحسب تقرير أصدرته مجموعة من منظمات الإغاثة العاملة في جنوب السودان، بينها «اوكسفام» و «انقذوا الأطفال». وقالت الوكالات العشر في تقرير مشترك إنه بعد خمس سنوات من توقيع اتفاق السلام بين الحكومة السودانية و «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، «يترك المزيج الخطير من ارتفاع معدل العنف والفقر المزمن والتوترات السياسية، اتفاق السلام على شفا الانهيار». وحذر التقرير من أن إجراء الانتخابات التعددية الأولى منذ 24 عاماً واستفتاء الجنوب على الاستقلال، «يمكن أن يفجر العنف إذا ما لم يتم التحضير لذلك جيداً». ودعت الوكالات مجلس الأمن إلى العمل على جعل حماية المدنيين أمراً ذا أولوية مطلقة بالنسبة إلى مهمة قوات الأممالمتحدة في السودان، كما دعت القوى الدولية إلى الوساطة بين الأطراف السودانية. وقال: «لاحظنا العام الماضي تزايد أعمال العنف في جنوب السودان. وهذا قد يتفاقم وتنجم عنه حالة طارئة قد تكون الأخطر في أفريقيا العام 2010». لكن وزير الدولة للشؤون الإنسانية عبدالباقي الجيلاني وصف تقرير المنظمات بأنه «متشائم». وقال إن «معظم هذه المنظمات لا وجود له في جنوب السودان»، مبيناً أن حكومته مع وكالات وطنية وأجنبية «تسعى إلى احتواء الأوضاع الإنسانية التي خلفها الصراع القبلي». إلى ذلك، تعهدت بريطانيا تقديم 54 مليون جنيه استرليني للمساعدة في إعادة إعمار جنوب السودان والإعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في نيسان (أبريل) المقبل. وقالت وزيرة الدولة للخارجية البريطانية غيلينز كينوك التي تزور الخرطوم الأحد المقبل، إن «كثيرين من السودانيين لا يزالون يعيشون في ظل أوضاع كارثية، وهو ما ينعكس في الفقر الشديد والمعانادة الحادة للمواطنين... ولا يزال من الممكن تفادي تفجر النزاع بصورة كاملة هناك». وحذرت من أن «الفشل في إجراء انتخابات ذات صدقية من شأنه أن يؤدي إلى العودة إلى الصراع الذي لن يقتصر أثره على السودان وانتاجه النفطي، بل سيشمل أيضاً المنطقة بأسرها... نعرف أن هذه أوقات حاسمة وحرجة للسودان. خطر العودة إلى مزيد من الصراع حقيقي. نحن نتفهم ذلك ونقبله. نعرف ما يجب عمله وما الذي ينبغي أن نبادر إليه ونفعله».