اشتبكت الشرطة الجزائرية أمس مع مئات العاملين، بعد إضراب نفذه نحو 20 ألف عامل من الشركة الجزائرية للسيارات الصناعية للمطالبة بتحسين أجورهم. وحاول العمال التوجه في مسيرة ضخمة إلى قلب العاصمة، لكن قوات مكافحة الشغب فرقتهم بالهراوات والعصي وقنابل الدخان وطاردتهم في شوارع وأزقة منطقة الرويبة، أكبر مجمع صناعي في البلاد. وكان العمال الغاضبون بدأوا إضرابهم الأحد الماضي، لكن الحكومة لم تستجب لمطالبهم أو ترسل إليهم من يفاوضهم، فحاولوا التوجه إلى وسط العاصمة أمس، فصدتهم قوات مكافحة الشغب والدرك التي طلبت منهم العودة أدراجهم داخل أسوار المصنع، لكنهم رفضوا فاندلعت الاشتباكات بين الطرفين، وأوقعت جريحين على الأقل في صفوف المتظاهرين فيما لم تكشف وزارة الداخلية إن كان بين عناصرها جرحى أو مصابون. وشارك في الاحتجاجات عمال من مختلف الأعمار ومئات النقابيين وعشرات الوجوه التي اختفت وفضلت العمل المستقل منذ بروز دور المركزية النقابية (الاتحاد العام للعمال) إلى جانب الحكومة في إطفاء الإضرابات بعد توقيعهما ما سمي «العقد الاقتصادي الاجتماعي». لكن سد النقابة آذانها عن الإضراب ومطالب العمال وصل بالأمور حد المواجهة. ورفع مئات العمال صباح أمس شعارات تندد بالنقابة ورئيسها عبدالمجيد سيدي السعيد وتدعوه إلى الاستقالة، بينها «سيدي سعيد الخائن»، و «لا للظلم». ومع الوقت، انضم مئات إلى المحتجين ليتحولوا كتلة بشرية ضخمة تطوق المجمع، ويبدأ التصعيد وإطلاق الشعارات والهتاف، وتتحرك المسيرة من قلب الرويبة إلى العاصمة. ويرفض عمال الشركة الجزائرية للسيارات الصناعية التي تعد أحد أبرز مكونات إرث الرئيس الاشتراكي الراحل هواري بومدين، العودة إلى العمل ما لم ترفع أجورهم المتدنية بنسبة 50 في المئة، وإلغاء لوائح التقاعد بعد سن الستين التي أكدوا أنها لا تناسبهم وتعني لكثيرين منهم «الموت قبل الوصول إلى التقاعد». ويعتبر المجمع الصناعي في ضاحية الرويبة شرق العاصمة، في نظر النقابات المستقلة، رمزاً لمقاومة الرأسمالية ومخططات التخصيص التي طالت آلاف المؤسسات الحكومية. وتصدر منتجات المجمع إلى دول مغاربية وأفريقية عدة. وقال الأمين العام لنقابة الشركة الجزائرية للسيارات الصناعية بلميلود محمد أمزيان: «ما الذي تنتظره (الحكومة) للتفاوض معنا؟ نحن في اليوم الخامس من الإضراب، ولم يزرنا أي مسؤول».