التوعية وتقديم الدعم المعنوي عبر الأعمال الفنية للفئات المتضررة والمحرومة مثل ذوي الإعاقات الذهنية والجسدية، كالأفلام القصيرة ولوحات الرسم والخط والتصوير وغيرها، تعكس هموم هذه الفئات ومشكلاتها. هذا ما تقوم به مبادرة «نسيم» التابعة لجمعية «ملتقى الشباب البحريني». دشّنت المبادرة بتوجيه رسائل تحاكي العقول وتلامس القلوب، وتشرح تفاصيل مشروع لأطفال ذوي اضطراب التوحّد تحت مسمى «ادخل عالمي»، الذي يركّز على أهمية التدخّل المبكّر لتأهيل أطفال التوحّد، ودمجهم في المجتمع خصوصاً في المدارس والتعليم، وتقديم الدعم المادي والصحي والمعنوي لهم ولذويهم، وأهمية الوقاية من الأسباب الاجتماعية والبيئية والسلوكية التي تؤدّي إلى أطياف التوحّد وفق ما أثبتته دراسات، كما أوضحت ل «الحياة» رئيسة المبادرة إيناس الفردان. وأكدّت الدكتور صديقة حسين استشارية الطب النفسي للأطفال والناشئة والعلاقات الأسرية، أنه من الضروري أن يشخص اختصاصي حال الطفل حتى يستطيع توجيه الأسرة نحو الرعاية اللازمة والأدوية المناسبة، سعياً إلى تطوير مهاراته الاجتماعية والدماغية، وتمنت أن «يكون لهذه الفئة مركز يحتويهم جميعاً، فالمراكز الموجودة معدودة وتجارية وباهظة الثمن». الطفل محمد الصفار (6 سنوات) مصاب باضطراب التوحّد منذ أعوام، وهو يتناول أطعمة عضوية ويذهب إلى مدرسة خاصة بهذه الفئة. كما يخضع لفحوصات دورية للتأكد من تطور حالته. ويوضح والده أحمد أنه «بعد سنوات من ارتياده مركزاً للتأهيل، أصبح محمد مندمجاً جزئياً، لكنه لا يزال يخاف الناس ولا يتقبلهم، خصوصاً إذا كان عددهم كبيراً، فهو لا يرتاح في الأماكن المزدحمة كالمجمعات التجارية، ويبدأ بالصراخ والصياح حتى نأخذه إلى مكان أهدأ، إلا أنه بدأ في تناول الطعام وارتداء ملابسه بمفرده، كما يصغي إلى ما نقوله له في المنزل». وأشار الصفار إلى أن أهالي الأطفال ذوي التوحّد يعانون من صعوبات عدة، منها: «عدم وجود مركز حكومي قادر على استيعاب هذه الفئة ومؤهل بالخبرات والكوادر الاختصاصية، إضافة إلى عدم توافر الأغذية العضوية أو توافرها بأثمان باهظة. كما أن هذه الفئة تحتاج إلى فحوصات لم يمكن إجراؤها في البحرين، وكلفتها عالية جداً في الخارج». الدراسات الخاصة بهذه الحالات مستمرة، وفي ضوئها تطورت أنواع التشخيص ومفاعيله. وتفيد دراسات حديثة بأن التوحّد يصيب واحداً من بين 600 ألف طفل. وتوضح الدكتور حسين: «لم تثبت الدراسات حاجة هذه الفئة إلى غذاء أو حمية معينة، فهناك معلومات كثيرة مغلوطة وطرق تعامل مع أطفال التوحّد استناداً إلى دراسات قديمة، دحضتها دراسات حديثة». وتناولت الفردان مشروع «ادخل عالمي» الموزّع على ثلاث مراحل: مرحلة التدوين التي تتضمن البحث عن أطفال مصابين بالتوحّد وتدوين قصصهم عبر استمارة إلكترونية، مرحلة الأعمال الفنية حيث يبدأ كل فنان متطوع في الاطلاع على هذه القصص وتحويلها إلى أعمال فنية تركّز على أهم المشكلات والرسائل على لسان أهالي الأطفال المصابين، ومرحلة تنظيم المعارض التي أطلقت من خلالها مبادرة «نسيم» أربعة فعاليات في حملة دعم أطفال التوحّد «ادخل عالمي». وأظهر مسح إلكتروني أجرته مبادرة «نسيم» على عدد من أهالي الأطفال ذوي التوحّد في بلدان مجلس التعاون الخليجي، عدداً من المطالب المشتركة، منها وجود المراكز المتخصصة بالتشخيص الدقيق وطرق التشخيص الحديثة، إضافة إلى مدارس مؤهلة للدمج الصحيح. وأوضحت الفردان أن العمل جارٍ على تلخيص هذه الطلبات والنقاط كي ترفعها إلى المسؤولين في هذه البلدان، في محاولة لمساعدة الأهالي على إيصال أصواتهم إلى المعنيين.