دائماً ما ترى النفس البشرية الأمور كما تحب أن تراها، أو بالأحرى تراها ليس كما ينبغي، كثيراً ما نقرأ عن وفاة طفلة أو إعاقة طفل، ولكن ما نقرأه في الصحف شيء نراه ولكن لا نحس به ولا نتأمله أبداً ولا نتجرع أحاسيس معاناته، الأب مصدر الأمان والقوة والعزيمة في حياة أبنائه أصبح اليوم «دراكولا» يرهب أفراد أسرته عند دخوله المنزل، وكأنك تتحدث عن قصص الرعب التي ما أن يسمعها طفل يركض ويختبئ في حنان والدته مرتجفاً لرهبة ما يحصل، وهكذا عندما تنقسم الحصيلة التي للوالدة لها نصيب النصف كما للوالد، أصبحت إذا ما كان الوالد شبحاً لها في المنزل تتحول إلى وحش كاسر تصرخ وتضرب ولا تبالي، على رغم أنها مصدر الحنان والعطف الذي يولد في داخل الأبناء. لننس كل ما خطه قلمي ولنكن واقعيين، ماذا سيكون نتاج مجتمعنا من اطفال اليوم للمستقبل؟ طفل جاهز «خام» ليلتحق بأي فرق الإجرام التي ترحب به على الرحب والسعة، سيكون مدمناً أو لصاً وقد تكبر القضية إلى أكبر من هذا بكثير، ولك عزيزي القارئ أن تحسبها كما تحب، هذا لا يعني أن الطفلة لن تأخذ النصيب بحكم أنها أنثى، ستجد الفتاة نفسها في دهاليز البحث عن الحب والعطف والحنان، وأين ستبحث عنها؟ لك أيضاً أن تجيب بنفسك عن هذا السؤال البسيط الذي يتسع في إجابته إلى ساعات وساعات. من هنا لابد أن نجد حلولاً لمثل هذه الكارثة التي قد تهدد كيان عائلة بأسرها، وتهدد كل من يسير في الطرقات وإن حددتها سأقول «المجتمع». هناك حلول إيجابية عدة لابد أن نضعها نصب أعيننا، يجب علينا عمل جمعيات توعوية للمتزوجين حديثاً. يجب عمل مطويات وتوزيع كتيبات تناقش هذه المشكلة، يجب معاقبة الأسرة التي تحاول بناء طفل عديم المشاعر. يجب مراجعة النفس من الوالدين والتفكير بالابناء ومصلحتهم قبل المصلحة الشخصية فهم نتاج المستقبل. يجب تدخل السلطات وحقوق الإنسان بشكل جدي وصارم. يجب عمل حملات مكثفة تديرها وسائل الإعلام، عن طريق الإعلام المرئي أو الورقي أو حتى الإلكتروني. يجب التكاتف من المجتمع والإحساس بأن كل طفل في هذا المجتمع ينتمي إليك وأنك مسؤول عنه... يجب ويجب ويجب... الطفل بطبيعته بريء محب صادق في مشاعره، إذا أردت أن تعرف الصدق يكفيك أن تتحدث مع طفل، فهو لا يضع رتوشاً في حديثه ولا يصطنع ابتسامة أو دمعة... في النهاية يجب علينا أن نتذكر، أطفالنا هم أحبابنا وهم من نرسم المستقبل لهم. بمعادلة بسيطة «إما. أو»، إما بالتربية السلبية والضرب والإهانة والتعذيب والتأنيب المستمر، سنجعل منهم مجرمين أو خائفين غير مبالين بأي شيء، عديمي الإحساس، أو بالتربية الصحيحة والسليمة والعطف والمحبة والكلمة الطيبة والتشجيع، سنجعل منهم جنوداً في كل المجالات والقطاعات. [email protected]