قد يجتذب فتح سوق الأسهم السعودية للاستثمار المباشر من المؤسسات الأجنبية المؤهلة استثمارات بلايين الدولارات لكن يبدو أن ذلك سيتحقق على المدى الطويل مع تبني المصارف ومديري الصناديق العالمية نهجاً حذراً في شأن التوسع في المملكة على المدى القصير. وتثني العقبات التنظيمية وعدم التيقن من حجم التدفقات النقدية، خلال الأشهر والأعوام المقبلة، الشركات الأجنبية عن التوسع السريع في عدد الموظفين أو المساحات المكتبية في الرياض. وقبل 10 أيام من فتح السوق للاستثمار الأجنبي المباشر في 15 حزيران (يونيو) الجاري، تؤجل معظم الشركات قرارات التوسع الكبير لأعمالها في المملكة، وبصورة مبدئية على الأقل تعتزم شركات كثيرة إدارة أية عمليات جديدة في السعودية من خلال مكاتبها الإقليمية في دبي. ويقول رئيس الاستثمارات لدى شرودرز الشرق الأوسط في دبي والتابعة لشركة شرودرز البريطانية التي تدير أصولاً عالمية تقارب قيمتها 490 بليون دولار رامي صيداني: إن شركته لديها الموارد والتغطية التحليلية المطلوبة لإدارة العمليات المتعلقة بالسوق السعودية من دبي. وأضاف صيداني أن شركته لم تتقدم بطلب الحصول على رخصة مستثمر أجنبي مؤهل حتى الآن للاستثمار بشكل مباشر في السوق السعودية لأنها بالفعل تستطيع شراء الأسهم بشكل مباشر من خلال اتفاقات المبادلة. وأوضح أن بعض الشركات الأخرى قد تسعى بصورة أكبر للحصول على رخصة للاستثمار المباشر في السوق، لكن المسائل التنظيمية ولاسيما المتعلقة بوضع اتفاقات المبادلة وكيفية تحويلها إلى حيازات مباشرة للأسهم قد تثني البعض عن القيام بذلك. وتابع: «السعودية حريصة على جذب المستثمرين الدوليين وزيادة تنافسية السوق مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى ولأجل القيام بذلك سيتعين عليهم مواجهة التحديات». بدوره، يقول مدير إدارة الأصول لدى المجموعة المالية «هيرميس السعودية» ماجد كبارة: «مع عدم وجود السوق السعودية حالياً على أي من المؤشرات العالمية فإن الأجانب الذين سيستثمرون في السوق السعودية في الوقت الراهن سيكونون هؤلاء الراضون عن تقويمات أسهم معينة». وأوضح أنه مع الأخذ في الاعتبار الانتعاش الذي شهدته السوق منذ بداية العام فإن معظم التقويمات غير جذابة بدرجة كبيرة مقارنة بالمعايير العالمية ولاسيما في ظل انخفاض أسعار النفط، إذ يقارب التقويم الإجمالي للسوق الحد الأعلى للنطاق التاريخي لهذا لا تتوافر فرص كبيرة تدفع المستثمرين الأجانب للاندفاع بقوة. ولفت كبارة إلى أن العامل المهم في جذب المستثمرين الأجانب سيكون إدراج السوق السعودية ضمن مؤشر «إم.إس.سي.آي» للأسواق الناشئة والذي تقول «إم.إس.سي.آي» إنها خطوة لن تحدث قبل يونيو 2017. ويضيف كبارة «من 15 يونيو المقبل وحتى يونيو 2017 من المتوقع ألا نشهد تدفقات كبيرة من المستثمرين الأجانب، لكن نتوقع تأثيراً قوياً على السوق، وتاريخياً شهدت الأسواق التي كان من المقرر ضمها إلى المؤشر نفسه - كالإمارات وقطر - انتعاشاً قوياً قبل 12 إلى 18 شهراً من الانضمام الفعلي إلى المؤشر». ويرى مسكان ثاكر الرئيس التنفيذي لشركة السعودي الفرنسي كابيتال انترناشيونال: أنه «كان هناك اهتمام من المستثمرين الأجانب باتفاقات المبادلة التي يجري العمل بها منذ 2008، ونرى الأن اهتماماً متزايداً لكن بصورة تدريجية مع اعتماد لوائح الاستثمارات الأجنبية المؤهلة» ويضيف: «الجائزة الحقيقية لسوق الأسهم السعودية ستكون الانضمام إلى مؤشر «إم.إس.سي.آي»، حينئذ سنشهد أعداداً أكبر من المستثمرين الأجانب تقبل على الأسهم السعودية لأنها ستكون جزءاً من مؤشراتهم». ومن بين العوامل الأخرى التي قد تؤثر على التدفقات النقدية الكبرى فرض هيئة السوق المالية حداً أقصى لملكية الأجانب عند 10 في المئة من القيمة السوقية للأسهم. ومثل تلك القيود تفسر السبب في أنه منذ إعلان المملكة في تموز (يوليو) الماضي خطط فتح السوق لم تفتتح سوى شركة كبرى واحدة فقط فرعاً لها في الرياض، وهي مجموعة «آشمور» لإدارة الأصول التي لديها 12 موظفاً في مكتبها بالرياض. وتقول «آشمور» إنها تعتزم التقدم هذا الشهر للحصول على ترخيص كمستثمر أجنبي مؤهل، لكن شركات أخرى لم تكشف عن نواياها بعد. ويعتقد مصرفيون بأن المملكة قد تمنح نحو 12 ترخيصاً لمستثمرين أجانب بصورة مبدئية، ولم يتسن الحصول على تعليق من هيئة السوق المالية على الأمر. ولدى عدد من الشركات نظرة إيجابية إلى السوق السعودية على المدى الطويل، لكن تلك الشركات تؤكد في الوقت ذاته أنها ستراقب أداء السوق قبل التوسع بقوة. وقال الرئيس التنفيذي لكريدي سويس السعودية عبدالعزيز بن حسن: «ننظر إلى السعودية كسوق مهمة جداً لنا لأجل النمو في الشرق الأوسط، ومهتمون بالتوسع في عمليات مصارف الاستثمار، لكن ذلك يعتمد على تطور السوق خلال العامين إلى الأعوام الثلاثة المقبلة».