اعتادت الجماهير الهلالية على ارتباط اسم فريقها بالبطولات، واتفق النُقّاد على أن الهلال القاسم المشترك الأعلى في المنافسة على مختلف الألقاب المحلية والقارية، إلا أن «الزعيم» أخطأ طريق المنصات في الموسمين الماضيين، وتجرّع مرارة الخسارة في مناسبات عدة على يد غريمه التقليدي النصر، إذ خسر نهائي كأس ولي العهد الموسم الماضي بهدف من دون رد، وكرّر النصر النتيجة ذاتها قبل أسابيع عدة وحسم حسابات الدوري عبر الشباك «الزرقاء»، ما جعل الأصوات الهلالية تتعالى مطالبة برد الاعتبار والثأر من الخسائر المتتالية في الموسمين الأخيرين. وفي مواجهة الليلة في نهائي كأس الملك، لن يكون أمام المدرب اليوناني دونيس ولاعبيه خيار سوى الفوز لأجل مصالحة الجماهير، التي وقفت خلف الفريق حتى في أسوأ أوضاعه الفنية، إلى أن بات قادراً على معانقة الذهب من جديد، كما أن الرئيس الموقت محمد الحميداني أمام فرصة لن تتكرر لنقش اسمه بحروف من ذهب، فمهمة إدارته الموقتة تنتهي مع آخر صافرة في المباراة، بعد تزكية الأمير نواف بن سعد رئيساً للنادي لأربعة أعوام مقبلة، ما يحرم الهلاليين الليلة أنصاف الحلول، لذا سيكون الشعار الأول والأخير الفوز. وشكّل الانفعال أبرز عيوب لاعبي «الفرقة الزرقاء» في المواجهات الحاسمة أخيراً، أمام النصر في نهائي كأس ولي العهد الموسم الماضي، ونهائي القارة أمام سيدني، وكذلك نهائي كأس ولي العهد هذا الموسم أمام الأهلي، لذلك غاب التركيز، في مشهد أرجعه النقاد إلى سوء الإعداد النفسي غير المبرر للاعبين قبل النزول إلى أرضية الميدان. بعيداً عن الانفعال عاش الهلال تغيّرات فنية كبيرة في الفترة الأخيرة، خصوصاً على صعيد التهديف، إذ يدين بفضل قوته الهجومية إلى الطريقة الجديدة التي انتهجها مدربه الجديد اليوناني دونيس منذ تدريبه للفريق، إذ بات لاعبو الطرف في الفريق «الأزرق» يُشكّلون قوة ضاربة تكشفها في الكثير من الأحيان عرضيات كل من اللاعبين عبدالله الزوري وياسر الشهراني، اللذان يتواجدان في المناطق الهجومية في الوقت ذاته لاستغلال أي عرضية طويلة يُلقي بها الآخر خارج منطقة الجزاء. وبمشاركة لاعبي الطرف يحضر خمسة هلاليين في حال الهجوم داخل أو على حدود منطقة الجزاء، فإضافة إلى الزوري والشهراني يحضر المهاجم الوحيد سواءً أكان يوسف السالم أم ناصر الشمراني واثنين من صُنّاع اللعب البرازيلي تياغو نيفيز أو نواف العابد أو محمد الشلهوب، بينما يقف خلفهم خارج منطقة الجزاء سلمان الفرج أو سعود كريري استعداداً لاستغلال أية كرة ينجح الخصوم في إبعادها. النجاعة الهجومية للاعبي الطرف تأتي مبنية على طريقة اللعب، التي تعتمد على ثلاثة مدافعين ثابتين في المناطق الخلفية هم محمد جحفلي وديغاو وكواك، ليتركوا للاعبي الأظهرة تأدية الأدوار الهجومية المطلوبة منهم، وهي الطريقة التي أثبتت نجاحها في ظل استغلال لاعبي الهلال أكثر من كرة عرضية لتسجيل الأهداف. إضافة إلى ذلك تأتي أدوار المدافعين وحارس المرمى خالد شراحيلي واضحة في الوقوف خلف جُل الهجمات عبر استغلال الكرات الدفاعية في بناء الهجمات للفريق، إضافة إلى تقدّمهم عن المناطق الدفاعية ما يساعدهم على تفكيك الهجمات المرتدة بشكل سريع قبل وصولها إلى منطقة الجزاء، ويظل البرازيلي نيفيز موسيقار ألعاب الفريق ومُنطلق كراته الخطرة، إلى جانب أناقة سلمان الفرج وقتالية نواف العابد متى ما تخلّى عن الاستعراض المهاري والاحتفاظ بالكرة من غير مبرر. بعثرة ريجي... أعاد ترتيبها دونيس لم يعهد أحداً الهلال يسير من دون سرعته الخارقة، حركة بطيئة لوصيف آسيا استطاع الروماني ريجي كامب أن يفرضها على هلال ليس من السهل كبح جماحه بخسائر خمس كلّفته الحلم «القاري»، والذهب «المحلي» ولقب الدوري، ليكون مصيره الإزاحة من كرسي تدريب الهلال المرهق بقيادته، ليكون الخيار الجديد اليوناني دونيس، الذي أشرف على فريقٍ بعثر أرواقه الروماني، ولكن دونيس نجح بسرعة قصوى في إعادة بريق الهلال، وجمع كل الأرواق وبث روح الانتصارات المعتادة في البيت «الأزرق»، ليحقق الأهداف «الوقتية» نظير العاصفة الرومانية بالتأهل إلى دوري أبطال آسيا للموسم المقبل، ومن ثم بلوغ دور الثمانية آسيوياً هذا الموسم، وأخيراً القتال حتى الرمق الأخير على لقب كأس خادم الحرمين الشريفين. خالد شراحيلي منذ عودته إلى مشاركة زملائه بعد الإيقاف شكّل حارس مرمى الهلال خالد شراحيلي قوة إضافية لفريقه، قدراته اللافتة على التصدي لعدد من الكرات الخطرة وإيقاف هجمات الخصوم لعبت في كل مرة دوراً لافتاً في تعزيز ثقة زملائه داخل الملعب، وإحياء رغبتهم في العودة إلى المباراة. وأجمع النقاد الرياضيون على تصدي شراحيلي ببراعة لكرة مهاجم الاتحاد عبدالرحمن الغامدي، في وقت كانت فيه المباراة تقف عند نتيجة التعادل لعب دوراً لافتاً في عودة فريقه إلى المباراة وكسب نتيجتها، إذ تقدّم خطوتين ليُضيّق الزاوية على المهاجم المنفرد ما دفع الأخير إلى الدفع بالكرة في متناول حارس المرمى لتنتهي انفرادته من دون أن تتغير النتيجة. إضافة إلى ذلك فإن الأدوار المساندة للمدافعين والتي يقدّمها شراحيلي طوال المباراة تلعب دوراً بارزاً في بداية كل هجمات فريقه، إذ يطالبه لاعبو الوسط في الغالب بلعب الكرات مباشرة إليهم وهي المهمة التي ينجح في تنفيذها، لكنه لا يكتفي بذلك إذ يدفع بالمدافعين غالباً إلى التقدم لتغطية هجمات الخصوم على مقربة من منتصف الملعب متقدماً مسافة بسيطة عن مرماه وسط إدراك تام لسلامة موقفه، ما يعزز من فرص المدافعين في إنهاء الهجمات، إضافة إلى تقليص خطورة الكرات المرتدة للخصوم. تياغو نيفيز يشكل اللاعب البرازيلي ثقلاً واضحاً في خط وسط الهلال متى ما كان قادراً على العطاء وحاضراً فنياً بشكل كامل، غيابه عن المباريات يترك في غالب الأحيان فراغاً، ذلك ما تقوله مباراة الهلال الأخيرة أمام الاتحاد، التي أسهم من خلالها في صناعة هدفين إضافة إلى تسجيله هدفاً. على رغم خسارته للكثير من عطائه الفني هذا الموسم بقيادة المدرب السابق للفريق الروماني ريجي كامب، إلا أنه نجح في استعادة جزء كبير من مستواه بعد تولي دونيس مهمات تدريب الفريق، وتحسّن مواقع زملائه في الملعب أيضاً ساعده على ذلك، إذ عاد لصناعة الخطورة عبر كل ركلات الزاوية أو الكرات الثابتة. قلق الخصوم من منحه فرصة الوقوف على كرة ثابتة كان في كل مرة سبباً في منحه الفرصة لصناعة هدف أو تسجيله، لذلك تبدو مساحة حركته في الملعب أوسع. إضافة إلى تميزه في الكرات الثابتة تأتي قدرته على قراءة تحركات زملائه والخصوم كلاعب أساسي في بناء الهجمات لفريقه، إذ غالباً ما تلعب تمريرته دوراً بارزاً في توفير مساحة لزملائه لاستغلال الكرات واختراق الدفاعات، كما أن قدراته اللافتة على المراوغة والمرور تتركه قادراً على التحرك فترة أطول بالكرة لحين العثور على لاعب جاهز لتسلّمها والتعامل معها كما يجب.