يُنتظر أن تواصل منظمة «أوبك» ضخ النفط بأقصى ما تستطيع تقريباً لشهور أخرى، مع قناعتها بأن علاج صدمة السوق في العام الماضي أنعش الطلب وأزاح منافسة متنامية. ومع استقرار الأسعار عند نحو 65 دولاراً للبرميل، فإن هناك رغبة ضعيفة داخل المنظمة لتعديل الحدود القصوى للإنتاج، ما يراه بعض المحلّلين خارج نطاق قدرتها. وقال مندوب خليجي في «أوبك»، في حديث إلى وكالة «رويترز»: «هناك توافق بين أعضاء أوبك الخليجيين وآخرين، للإبقاء على سقف الإنتاج من دون تغيير». وأضاف: «لا يريد أحد هزّ السفينة (...) يُتوقع أن يكون الاجتماع إبحاراً سلساً». واعتبر أن آفاق سوق النفط إيجابية، خصوصاً في النصف الثاني من السنة. وكتب محللون لدى مصرف «باركليز»: «نظراً الى الضبابية المتزايدة في شأن صفقة إيران النووية، قد تتّخذ أوبك منحنى الترقب والانتظار في ما يتعلق باحتمالات ضخّ مزيدٍ من النفط». ويرى محللون لدى «مورغان ستانلي»، أن هناك احتمالاً ضئيلاً في أن تفاجئ «أوبك» السوق وترفع سقف الإنتاج، الذي يبلغ الآن 30 مليون برميل يومياً. وقال وزير النفط السعودي علي النعيمي، خلال ترؤسه الجلسة الافتتاحية في الندوة الدولية السادسة ل «أوبك»: «المستقبل يبدو إيجابياً وواعداً، فالاقتصاد العالمي يشهد نمواً مطّرداً، والتمدد الحضري يشهد زيادات وقفزات متسارعة، والطبقة الوسطى تتّسع أكثر فأكثر، وعدد سكان العالم يشهد زيادات (...) وعليه، فإن الطاقة، وحرية الحصول عليها، تبقيان مسألة حيوية ومحورية». وتابع: «نشهد حالياً تزايداً في الطلب العالمي على الطاقة، ما لا يبدو أنه سيتغير في المستقبل المنظور». إلى ذلك، أكد الأمين العام للمنظمة عبدالله البدري، أنها لا تستهدف أحداً بعينه من منتجي النفط باستراتيجيتها للحفاظ على حصتها السوقية. وأضاف: «هذا ليس صحيحاً (...) نرحب بالجميع». ونقل عن وزير النفط الكويتي علي العمير، أنه يعتقد بقوة أن الأعضاء الخليجيين في «أوبك» يدعمون الإبقاء على سقف الإنتاج من دون تغيير. واعتبر وزير النفط الإماراتي سهيل بن محمد المزروعي، أن التصحيح في سوق الخام لم ينته بعد، معرباً عن تفاؤله بشدة إزاء اجتماع «أوبك». وقال: «الأهم هو أن الاقتصاد العالمي ينمو كما توقعنا (...) الطلب يزيد والتصحيح مستمر (...) لم ينته بعد هذا التصحيح وسيستغرق وقتاً». وأضاف: «سننتظر حتى نهاية السنة حتى نعرف ما سيحدث لميزان العرض والطلب، لكن لا ريب في أن تخمة المعروض تراجعت كثيراً (...) نحن متفائلون». وتوقع وزير الطاقة القطري محمد السادة، أن تصبح الأسواق العالمية للنفط «أكثر توازناً»، في النصف الثاني من السنة. وقال: «الشهور التسعة الأخيرة تقريباً، شكلت تحدياً للصناعة النفطية». وتابع: «لكنّ هناك أسباباً تحمل على التفاؤل إزاء الوضع العام (...) يُفترض أن تكون الأسواق أكثر توازناً في النصف الثاني». أما وزير النفط العراقي عادل عبدالمهدي، فأكد أن هناك «تفاؤلاًً وقبولاً عاماً بالوضع الحالي» داخل «أوبك»، وذلك عندما سئل إن كانت المنظمة متوافقة على إبقاء سقف الإنتاج من دون تغيير. وقال: «العراق مع وحدة الصف داخل أوبك على الدوام، ومع حماية مصالح أعضائها والمصالح المستقرّة لصناعة النفط (...) لا نريد أسعاراً متقلبة يومياً تؤثر في الموازنات والمشاريع (...) ندعم سعر النفط المستقر بما يصب في مصلحة المستهلكين والمنتجين». وتابع: «الأسعار أقل من اللازم، والعوامل الأساس للسوق هي التي تقود الأسعار». وأعرب وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه، عن ثقته بأن أعضاء «أوبك» «سينسّقون ويأخذون في الاعتبار» عودة إيران إلى السوق بعد رفع العقوبات. وأوضح أن إيران ستعود إلى السوق تدريجاً، ومن دون أن يستغرق ذلك وقتاً. وقال: «في شكل فوري أو في غضون شهر من رفع العقوبات، سنضخّ نصف مليون برميل يومياً إضافية، وبعد ستة أو سبعة أشهر سنصل إلى زيادة مليون برميل يومياً». وبعيداً من التصريحات، تراجعت أسعار النفط أكثر من اثنين في المئة، إذ ضغط ارتفاع الدولار وتخمة المعروض عليها قبل اجتماع المنظمة. ونزل سعر «برنت» في عقود تموز (يوليو) 1.75 دولار إلى 63.90 دولار للبرميل، منخفضاً نحو 2.5 في المئة. كما انخفض الخام الأميركي 1.40 دولار أو 2.25 في المئة، إلى 59.86 دولار. وتوقع الرئيس التنفيذي لشركة «بي بي»، بوب دادلي، «بعض الضعف» في أسعار النفط في النصف الثاني من العام، مع استمرار تنامي الإمدادات العالمية. وقال على هامش ندوة ل «أوبك»: «نمو المعروض آخذ بالتزايد. العرض والطلب متوازنان حالياً». وأضاف: «أعتقد أننا قد نرى استمرار بعض الضعف في السعر، ونتيجة لذلك يجب علينا كصناعة، أن نعدّل هياكل الكلفة وهياكل الضرائب في العالم». إلى ذلك، أفاد مصدر في قطاع الشحن البحري، بأن إقليم كردستان العراق شبه المستقل يشحن النفط إلى ميناء جيهان التركي، لكنه توقف عن نقل الخام إلى «شركة تسويق النفط العراقية» (سومو). ويأتي ذلك بعد أشهر من التوترات بين كردستان وبغداد في شأن مبيعات النفط ومدفوعات الموازنة.