قصصت شعري بعد أن أحرقته، إنها المرة الأولى التي اعلن فيها العصيان والتمرد على رفض أمي، نلت عقابي، واعتذرت بعد أن بكيت وعدت بالانصياع والطاعة للقوانين أكثر من السابق ولازلت كذلك، على رغم مرارة ذلك العقاب الا أنه كان رادعاً «وملزماً» لي بأحترام القوانين والانضباط... في أوروبا توضع قوانين ودستور تسير عليه الدولة ويُلزم الكل باتباع تلك الانظمة والقوانين، ولا اخفيكم أمراً لعل ضريبة التمرد على تلك القوانين هو الرادع للالتزام بها. قبل أيام مضت أعلنت المملكة العربية السعودية موازنتها لهذا العام، فكانت أكبر موازنة في تاريخ البلاد، وخُصص جزء كبير منها لقطاعي التعليم والصحة، وحتى لا تتكرر الأخطاء، أصدر ملك الإنسانية، بما عرف عنه من عدل وحزم وعاطفة إنسانية، أمراً ملكياً وقانوناً يتضمن مجموعة من القواعد الملزمة والحامية لمصلحة الشعب، فالمليك عازم على الضرب بيد من حديد على جميع الخارجين عن القانون. ملك بابل «حمورابي» كتب شريعته على لوح كبير ووضعها في أكبر ساحات المدينة، لكي لا يعذر أحد بجهله لتلك التشريعات، مبدأ عدم جواز الاعتذار بجهل القانون مؤسس أساساً على مبدأين: الأول: فتح المجال للقانون ليمارس دوره الاجتماعي بطلاقة، فالاعتراف بالجهل يعني عدم تطبيقه، وعندما لا يطبق القانون فهذا يعني بأننا في خلل قانوني كبير، ونكون افرغنا القاعدة القانونية من أهم وظائفها. وثانياً :عدم جواز الاعتذار بجهل القانون يحقق المساواة، فالقانون يطبق على الجميع سواء العالِم أو الجاهل به. إن كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم، كان مفهومنا للقانون أنه بنود نتعهد بتطبيقها ولا نلتزم بها وهي معاملات رسمية، شكلية إعتيادية، فأعظم العقوبة ألا يحس المعاقب بالعقوبة، وأشد من ذلك أن يقع السرور بما هو عقوبة كالفرح بالمال الحرام، فلعل القرار الملكي يولد لدى المسؤولين الحس الفعلي بالمسؤولية، ويكون بداية جديدة لعهد جديد للقضاء على الفساد.