لم تتوقع إسرائيل عند تجاهلها في السنوات الأخيرة الملف الفلسطيني، أن تأتيها «الحرب الديبلوماسية» على الجبهة الرياضية بالذات، كما يحصل في الأيام الأخيرة، مع إصرار اتحاد كرة القدم الفلسطيني على طرح اقتراحه بإبعاد إسرائيل عن مسابقات الاتحاد الدولي بكرة القدم في مؤتمر «اتحاد الكرة العالمي» (فيفا) الجمعة في زيوريخ (سويسرا) بسبب المضايقات المتواصلة التي يتعرض لها لاعبو كرة القدم والرياضيون الفلسطينيون من أجهزة الأمن الإسرائيلية على المعابر الحدودية. وكانت إسرائيل تعاطت باستهتار مع بداية طرح الفكرة الفلسطينية، لكنها إذ أدركت أن رئيس الاتحاد جبريل الرجوب ماضٍ في مشروعه باتت تعتبر القضية «وجع رأس»، وأن المصادقة على القرار ستكون «يوماً أسود للرياضة في إسرائيل» مع مخاوف جدية من ألّا يتوقف الأمر عند إبعاد فرق كرة القدم، إنما بتدحرج كرة الثلج إلى سائر الفروع الرياضية. وأخرجت القضية الرأي العام الإسرائيلي ووسائل الإعلام العبرية أواخر الأسبوع الماضي من لا مبالاتهم منذ سنوات بما يدور في الساحة الفلسطينية، فضلاً عن الصدى السياسي والإعلامي الدولي الذي حققته. ويطالب الفلسطينيون بأن تسهل قوات الاحتلال حركة اللاعبين وتسمح لاتحاد الكرة بتلقي المعدات الرياضية، وأن تعترف إسرائيل باتحاد الكرة الفلسطيني (فيفا تعترف به)، إضافة إلى إبعاد الاتحاد الإسرائيلي ست فرق من المستوطنات اليهودية في القدس والضفة الغربية المحتلتين عن الدوري الإسرائيلي. وتركز إسرائيل جهودها في محاولة لمنع «فيفا» من المصادقة على الاقتراح الفلسطيني، وأرسلت أمس وفداً كبيراً إلى زيوريخ، ضم رئيس اتحاد الكرة الإسرائيلي عوفر عيني ومدير الطاقم الإعلامي في مكتب رئيس الحكومة شلومي بارزل وثلاثة موظفين كبار في وزارة الخارجية. وأصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية تعليمات لممثلياتها الديبلوماسية في أنحاء العالم بعقد لقاءات عاجلة مع وزراء الشباب والرياضة ورؤساء اتحادات الكرة في الدول التي انتدبوا إليها لإقناعهم بعدم التصويت إلى جانب الاقتراح الفلسطيني. وحاولت إسرائيل الأسبوع الماضي، الاستعانة برئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جوزيف بلاتر الذي حضر إلى القدسالمحتلة والتقى رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، كما التقى في رام الله الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرجوب ليدعوهما إلى «عدم الخلط بين الرياضة والسياسة» معتبراً أن نجاح التصويت سيشكل «سابقة خطيرة من شأنها أن تورط فيفا في صراعات سياسية وديبلوماسية أخرى. ودعا بلاتر إسرائيل إلى «التنازل عن شيء ما» مقابل رفض الاقتراح الفلسطيني، فيما أوضحت «يديعوت أحرونوت» أن المقصود بالتنازل هو موافقة اتحاد الكرة الإسرائيلي على إبعاد الفرق الستة من المستوطنات عن مسابقاته. مع ذلك، يخشى الإسرائيليون أن لا يلقي بلاتر بكل ثقله إلى جانب إسرائيل نظراً إلى حاجته إلى غالبية أصوات أعضاء مؤتمر «فيفا» لدعم بقائه في منصبه لولاية خامسة، وأنه لن يكون معنياً بصدام مع أي من التكتلات داخل «فيفا». وعليه، توجهت إسرائيل إلى رئيس اتحاد الكرة الأوروبي، صديقها الفرنسي ميشيل بلاتيني، ليتحرك لدى أعضاء «فيفا» الأوروبيين لمعارضة الاقتراح الفلسطيني. ومع إدراك إسرائيل أنه ليس صعباً تجنيد 75 في المئة من أعضاء المؤتمر (عددهم 209) للتصويت لمصلحة الاقتراح الفلسطيني، فإنها تركز جهودها على عدم طرح الموضوع على التصويت. ومع صعوبة الموقف الإسرائيلي، يبدو أن تل أبيب تعوّل على تدخل «جهة أجنبية رفيعة المستوى» لمنع طرح الاقتراح الفلسطيني على التصويت، باعتبارها «الجهة الوحيدة في العالم التي يمكنها التأثير في الفلسطينيين»، وفق تقارير صحافية إسرائيلية، في إشارة إلى الولاياتالمتحدة كما يبدو.