لا تزال مفاوضات اليونان مع مقرضيها تخضع إلى أخذ ورد بين تأكيدات بقرب التوصل إلى اتفاق ومخاوف من إفلاس الدولة نظراً إلى عدم قدرتها على تسديد مستحقات قريبة إلى الجهات الدائنة، الأمر الذي يهدد بقاءها في الاتحاد الأوروبي. وأكد وزير المال اليوناني يانيس فاروفاكيس أمس، أن «بلاده حققت قفزة كبيرة نحو التوصل إلى اتفاق مع المقرضين الدوليين لتجنب الإفلاس». وقال في مقابلة أجرتها معه «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي): «قدمنا ما لدينا والآن الدور على المؤسسات المقرضة لتقديم بعض التنازلات لنتفق على أسس التعامل المستقبلية». وأضاف أن «خروج اليونان من منطقة العملة الأوروبية الموحدة اليورو سيكون كارثة على الجميع»، موضحاً أن «ذلك قد يكون بداية النهاية لليورو». وكان فاروفاكيس حذّر قبل أسبوعين من أن بلاده ليست أمامها إلا أسابيع قليلة قبل نفاد السيولة المالية من خزائنها. وأكد وزير الداخلية اليوناني نيكوس فوستيس أن «بلاده لن تستطيع تسديد الديون المستحقة لصندوق النقد الدولي الشهر المقبل لأنها لا تملك المال». وقال لتلفزيون «غريك ميغا»، إن «الأقساط الأربعة المستحقة لصندوق النقد في حزيران (يونيو) تبلغ 1.6 بليون يورو (1.8 بليون دولار) وهذه الأموال لن تُدفع وهي غير متاحة للتسديد». وفي ظل عجزها عن الاستدانة من أسواق السندات وتوقف صرف أموال الإنقاذ، تسحب أثينا من خزائنها شبه الخاوية لأداء التزامات الديون وتسديد الأجور ومعاشات التقاعد. وأظهر استطلاع للرأي نشِر أمس، أن غالبية اليونانيين يدعمون الحكومة برئاسة «حزب سيريزا» في المفاوضات الجارية مع الجهات الدائنة للبلاد، ويرغبون في الوقت نفسه في اتفاق يتيح البقاء في منطقة اليورو. ويظهر الاستطلاع الذي أجراه معهد «بابليك إيشيو» لمصلحة صحيفة «أفغي» الموالية للحكومة، أن 54 في المئة من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع يوافقون على الطريقة التي تدير فيها حكومة الحزب اليساري المتشدد المفاوضات، على رغم التوتر مع الجهات الدائنة الدولية. ويرى 59 في المئة منهم أن أثينا يجب ألا تخضع لها. وعبّر 89 في المئة من المشاركين عن معارضتهم اقتطاعات جديدة في رواتب التقاعد، فيما قال 81 في المئة إنهم يعارضون الطرد الجماعي. وتنتظر اليونان منذ تسعة أشهر أي قبل وقت طويل من وصول حكومة «سيريزا» إلى السلطة في كانون الثاني (يناير)، تلقي شريحة من المساعدات قدرها 7.2 بليون يورو وعدت بها الجهات الدائنة وهي صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والمصرف المركزي الأوروبي، من أصل مساعدات بقيمة 240 بليون يورو تلقت وعوداً بها منذ 2010 ونالت جزءاً كبيراً منها. ويطالب الأوروبيون وصندوق النقد في مقابل المساعدات بإصلاحات تجريها أثينا، خصوصاً في سوق العمل، ما يتعارض مع الوعود الانتخابية التي قطعتها حكومة رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس الذي جدد أول من أمس القول إن حكومته لن ترضخ إلى «مطالب غير عقلانية» تتعارض مع «الخطوط الحمر» التي حددها خلال حملته الانتخابية. وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق مع الجهات الدائنة لن تتمكن اليونان من تسديد التزاماتها المقبلة وخصوصاً 1.5 بليون يورو لصندوق النقد على أربع دفعات بين 5 و19 حزيران. وبين حزيران وآب (أغسطس) سيترتب على أثينا أن تسدد ما مجمله 11 بليون يورو لدائنيها، خصوصاً المصرف المركزي الأوروبي. وإذا تخلفت اليونان عن الدفع فقد تضطر إلى الخروج من منطقة اليورو. ووفق الاستطلاع، يدافع 71 في المئة من الأشخاص الذين استُطلعت آراؤهم عن العملة الأوروبية الموحدة، في حين يعتبر 68 في المئة منهم، أن العودة إلى العملة الوطنية الدراخما لن يؤدي سوى «إلى تفاقم الوضع في البلاد».