أعلن وزير العمل اليوناني أمس أن بلاده تنوي تسديد الديون المستحقة عليها هذا الشهر والتوصل إلى اتفاق مع المقرضين الدوليين لصرف بقية أموال حزمة المساعدات. لكن صندوق النقد الدولي يصر على إصلاحات قاسية في سوق العمل. وتعاني أثينا أزمة سيولة في حين يجب على الحكومة تسديد نحو بليون يورو لصندوق النقد الدولي هذا الشهر. وتعمد الحكومة الى الاقتراض محلياً ومن كيانات حكومية للوفاء بالتزاماتها. وقال وزير العمل بانوس سكورليتس رداً على سؤال من «تلفزيون ميغا» عما إذا كانت الحكومة ستتمكن من تسديد ديونها «اختارت البلاد أن تفي بالتزاماتها والتوصل لاتفاق (مع المقرضين). نحاول تدبير الأموال». وتتعرض حكومة رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس التي تشكلت قبل ثلاثة أشهر لضغوط في الداخل والخارج للتوصل إلى اتفاق مع المقرضين من أوروبا وصندوق النقد الدولي في شأن إصلاحات لتفادي الإفلاس. وأشار سكورليتس إلى أن الصندوق يصر على إصلاحات خاصة بسوق العمل من بينها خفض معاشات التقاعد وتسريحات جماعية، ويعارض خطة الحكومة اليسارية لرفع الحد الأدنى للأجور. وأضاف: «يطالبنا (الصندوق) بألا نمسّ أي شيء (من إجراءات التقشف) التي دمرت حياة الشعب اليوناني على مدى السنوات الخمس الماضية». يذكر أن المفاوضات بين اليونان ودائنيها حققت انفراجاً مفاجئاً أمس الأول، حتى وإن كانت لا تزال تتعثر عند «الخطوط الحمر» التي حددتها أثينا، في تطور إيجابي يأتي عقب تعيين إقليدس تساكالوتوس منسقاً لفريق المفاوضين اليونانيين. ومنذ الخميس تحاول «مجموعة بروكسيل» التي تضم ممثلين عن كل من اليونان والمفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، والآلية الأوروبية للاستقرار وصندوق النقد الدولي، التوصل إلى اتفاق يتيح لأثينا الحصول من الاتحاد الأوروبي على 7,2 بليون دولار، هي دفعة من قرض يرتبط الإفراج عنها بإقرار اليونان إصلاحات ترضي دائنيها. وفي تطور إيجابي نادر من نوعه منذ وصل حزب سيريزا اليساري المتطرف بقيادة أليكسيس تسيبراس إلى السلطة في أثينا في كانون الثاني (يناير)، أدلى الدائنون ليل أمس الأول بتصريحات إيجابية عن سير المفاوضات التي تقرر أيضاً تمديدها إلى ما بعد نهاية الأسبوع، في «جولة ثانية» كما سمتها الحكومة اليونانية. وفي هذا الإطار وصف مصدر أوروبي هذا التمديد بأنه «مؤشر جيد»، مضيفاً أن المحادثات «بناءة، لا بل إنني أجرؤ على القول أنها مشجعة». وفي الجانب اليوناني أيضاً كان التفاؤل سيد الموقف. فقد اجتمع فريق المفاوضين اليونانيين مساء الأحد حول رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس. وفي ختام الاجتماع أفاد مصدر حكومي بأن «خطوات بالغة الأهمية تحققت في مجموعة بروكسيل، وهي تقترب من التوصل إلى اتفاق». وأردف: «هدف الأطراف جميعاً هو التوصل إلى اتفاق هذا الشهر على مستوى مجموعة بروكسيل». وتأمل أثينا بأن تتكلل بالنجاح هذه الجولة من مفاوضات مجموعة بروكسيل والتي تنتهي غداً، وأن يؤدي هذا النجاح «إلى اعتراف وزراء مالية دول مجموعة اليورو بأهمية التقدم المنجز» وتوافق بالتالي على الإفراج عن دفعة القرض. والسبب في هذا الانفراج في الأجواء التفاوضية يعود على ما يبدو، في جزء كبير منه، إلى التغيرات التي أدخلها تسيبراس هذا الأسبوع على فريق مفاوضيه، لا سيما مع تعيينه نائب وزير الخارجية المكلف الشؤون الاقتصادية إقليدس تساكالوتوس في منصب منسق فريق المفاوضين. وفي الواقع، فإن أحداً في بروكسيل لم يعد يحتمل وزير المال اليوناني يانيس فاروفاكيس، الرجل المتباهي الذي أثار الكثير من الجدل، والذي يفضل على ما يبدو كتابة تغريدات لا طائل منها على «تويتر»، عوضاً عن الانشغال بالمفاوضات الشائكة في بروكسيل. وأتى تعيين تساكالوتوس في منصب «منسق الفريق السياسي للمفاوضات» وكذلك تعيين شخص مقرب منه في منصب المسؤول عن الطرف اليوناني في «مجموعة بروكسيل» بدلاً من المسؤول السابق المقرب من فاروفاكيس، ليعيد الأمور إلى نصابها بعد أسبوع على الفشل الذريع الذي منيت به أثينا خلال اجتماع مجموعة اليورو في ريغا في 24 نيسان (أبريل). وأكد المصدر الأوروبي مساء أمس الأول أن «المفاوضات التي يجريها الفريق اليوناني الجديد حسنت الأمور في شكل واضح، مع جدول زمني واضح للمفاوضات ومزيد من الخبراء والتفاصيل». وإذا كان فاروفاكيس، الذي لا يشكك أحد في مؤهلاته كخبير اقتصادي من الطراز الرفيع، أزيح من واجهة المفاوضات مع دائني بلاده، إلا أنه لم يختف من الصورة تماماً، بدليل أنه شارك في الاجتماع الذي جرى مساء الأحد برئاسة تسيبراس. ولكن الانفراج في المفاوضات لا يعني أن كل الأمور سويت بين أثينا ودائنيها. فقد أكد مصدر أوروبي آخر ضرورة «القيام بالمزيد» في بعض النقاط، مشدداً على أن المفاوضات تتعثر عند «الخطوط الحمر» التي حددتها حكومة تسيبراس. ووفقاً لناطق باسم تسيبراس، فإن من أبرز نقاط التعثر رفض الدائنين قانوناً يعيد العمل بعقود العمل الجماعية، وتمسكهم بمطلب «التحرير الكامل لتسريح العمال، وذلك خلافاً للإطار المؤسسي المعمول به في كل أنحاء أوروبا». وأكد الناطق أن مالية الدولة هي في وضع «حرج»، في وقت يجب على الحكومة اليونانية تسديد قرض لدائنيها بقيمة بليون يورو يستحق هذا الشهر. وإزاء هذا الوضع دعا رؤساء أكبر أربعة مصارف يونانية في نداء عبر صحيفة «كاثيميريني» الصادرة أمس الأول، إلى التوصل سريعاً إلى نهاية إيجابية للمفاوضات.