فيما ذهب بعض المتخصصين إلى أن خوف الناس من الجن مرتبط بقلة الإيمان وتصديق ما يحكى من إشاعات تزيدهم رهقاً، يقبع مهجوراً منذ زمن طويل منزل وسط مدينة أبها بحجة كونه مسكوناً، وأن أصواتاً غريبة تتلجلج كل يوم داخله، وغير ذلك من الأحداث التي رواها أو تخيلها كثير ممن عرفوا البيت أو سكنوا قريباً منه، إلا أن أحد ساكنيه الأصليين أرجع المسألة إلى وقت استئجاره من مستشفى الصحة النفسية، وأن ما يسمع أو يروى كان نتيجة تصرفات المرضى. وذكر المواطن فيصل عسيري الذي كان أكثر السكان صموداً في الشقق المفروشة المطلة على المنزل اذ أمضى فيها شهراً، أنه يسمع أصوات الأبواب القوية كل ليلة «كأن هناك من يفتحها ثم يغلقها بعنف، وتبدأ هذه العملية بعد الثانية من منتصف الليل، كما أن مصابيح المنزل تضاء على رغم انه مهجور تماماً، ما يدعوه لأن يرجح وجود سكان من الجن فيه». وقال عسيري: «منافذ الغرفة التي أنام فيها مقابلة تماماً للمنزل المهجور، ولشدة البرد أغلقها وأغطيها بالستائر كل ليلة، وتصيبني الدهشة كلما صحوت في الصباح وهي مفتوحة والبرد انتشر في أرجاء الغرفة». وأضاف أن الأمر استمر معه منذ نحو شهر ما جعله يتعود عليه، بعكس معظم الساكنين الذين لا يمضون أكثر من ليلتين أو ثلاث ليغادروا خائفين. وفيما أوضح عامل الشقق المفروشة أنور البنقالي، أنهم لا يستفيدون من الشقق الموجودة بجوار المنزل المهجور وان معظم المستأجرين يروون الكثير من القصص منها أنهم يسمعون أصوات كبار في السن ينادونهم وغيرها، أشار ساكن آخر الطالب ابراهيم الجحدلي، إلى انه يسمع كثيراً من الحكايات، «لكنه في شقته غير المطلة على المنزل لم يشعر بشيء حتى الآن». وقال احد جيران المنزل: «سمعنا انه مسكون وان من يدخله يسمع أصواتاً غريبة وأشخاصاً يطالبونه بالخروج من المنزل فوراً، لكن بالنسبة لنا لم نشعر بأي شيء غريب إطلاقاً، فقط القصص التي نسمعها ولم نشاهدها، فهجران المنزل منذ سنوات طويلة يبرره كثيرون بالنحس الذي لازم المنزل منذ القدم». فيما أوضح ابن صاحب المنزل السابق احمد مطاعن، أن والده أجر المنزل على مستشفى الصحة النفسية لمدة سبع سنوات، ثم لمدارس أهلية لمدة أربع سنوات، «ثم اضطر لبيعه بسبب شكاوى الجيران من الإزعاج»، مشيراً إلى أن تلك المرحلة لم تشهد أي أمور غريبة على الإطلاق، وان سبب تلك الإشاعات دعاية وزعت وصدقها الناس، وكرستها أصوات المرضى في مستشفى الصحة النفسية سابقاً. من جهته، ذكر الشيخ سعد العسيري، ان الجن ممكن ان تسكن في المنازل، «لكن ذكر الله يطمئن القلوب، وعلى عكس ذلك تأتي، فالأماكن التي لا يوجد فيها ذكر تكون موقعاً خصباً للشياطين»، فيما ذهب الاختصاصي الاجتماعي سعيد القحطاني، إلى أن التأثير النفسي له دور في نسج بعض الخيال وتفسير الأحداث بشكل مغلوط. وقال: «هناك الكثير من الناس يسمعون حكايات وقصصاً مؤثرة فيعيشونها، ويحاولون تناول واقع ليس موجوداً في الأصل، ومن ثم لو عصف الهواء بباب أو نافذة أو سمع صوت شخص في الشارع يفسر على انه حدث غير طبيعي»، مضيفاً ان الجن موجود لكن الجزم بأنه يتسبب في تلك الأحداث صعب، خصوصاً أن المنازل متلاصقة وان الخلاص من مثل هذه المؤثرات يكون بشغل وقت الفراغ والإيمان.