تشرع أربعة بنوك مركزية خليجية بداية من اليوم في تطبيق اتفاقات المجلس النقدي الخليجي، التي أقرها قادة دول مجلس التعاون الخليجي في قمتهم التي عقدت في الكويت منتصف الشهر الماضي والتي يمنع بموجبها أن تقوم البنوك المركزية الخليجية بعمليات إقراض للجهات العامة في دولها، وهو ما اعتبره خبراء اقتصاديون في تصريحات ل «الحياة» قراراً سيسهم في إنجاح إصدار العملة الخليجية الموحدة. ويضم الاتحاد النقدي حالياً أربع دول هي: السعودية، الكويت، قطر، والبحرين، وهي التي ستبدأ في تطبيق قرار الحظر. ويلزم اتفاق المجلس النقدي البنوك المركزية الخليجية بتصفية الأرصدة القائمة للقروض الممنوحة لهذه الجهات قبل إصدار العملة الموحدة، كما يحظر عليها القيام بعمليات شراء مباشر لأوراق مالية وغيرها من أدوات الدين التي تصدرها الجهات العامة، لكن يسمح للبنك المركزي والبنوك الوطنية بشراء هذه الأدوات في السوق الثانوية، وذلك في إطار تنفيذ عمليات السوق المفتوحة، كما يجوز قبولها كضمان. ويقول رئيس مركز آراك للدراسات والاستشارات الدكتور خالد الحارثي: «إن تطبيق قرار حظر إقراض البنوك المركزية الجهات العامة في دول الاتحاد النقدي الخليجي يعتبر توجهاً سليماً وصحيحاً، كون هذه الخطوة الإيجابية ستسهم في مضاعفة الحركة البينية بين الدول الأعضاء في المجلس، وتعزز قدرتها في التفاوض في تجارتها الدولية». وأضاف أن القرار يأتي لبدء مرحلة من مراحل نحتاجها لتوحيد العمل الخليجي النقدي، خصوصاً مع تأسيس البنك الرئيسي المركزي في ظل المتطلبات الأساسية المفروضة على البنوك المركزية الأساسية لتصفية أرصدتها والقروض الممنوحة لجميع الجهات الأخرى، مشيراً الى أنه بعد تطبيق هذا القرار سيتم تدشين البنك الخليجي المركزي وفق القوانين والأنظمة الاحترازية السليمة الساعية لتقوية الاقتصاد الخليجي. وأضاف الحارثي أن من أبرز مهام البنك المركزي الخليجي تحقيق التعاون بين البنوك الوطنية في تطوير الأنظمة الموجودة حالياً، ووضع تصور عام لتداول العملة الخليجية الموحدة، وإصدار الأوراق النقدية، مؤكداً ضرورة أن تكون هناك جهة استشارية ومرجعية تتولى التأكد من جاهزية وسلامة نظم المدفوعات وآلية تسويتها مع العملة الموحدة. وأشار الحارثي إلى أن البرنامج الزمني لإطلاق العملة الخليجية يشمل تقويم العملة حسابياً، وتسمية العملة، وتعريفها، وتحديد فئاتها، إضافة إلى جميع الجوانب المتعلقة بإصدار العملة. وأوضح أن قرار حظر الإقراض يهدف إلى تجهيز البنى التحتية الأساسية لإقامة العملة الخليجية النقدية، كما أنه يأتي على غرار ما قام به الاتحاد الأوروبي عند إصدار العملة الأوروبية من منع البنوك الأوروبية من عملية الإقراض للجهات العامة، وكذلك عمليات البيع والشراء لأية أوراق مالية. من جهته، اعتبر المحلل المالي تركي فدعق أن السلطة النقدية الموحدة لابد أن تكون ذات استقلالية عن بقية الدول الأعضاء، وهذه الاستقلالية خطوة مهمة لتوحيد جميع السياسات النقدية. وأضاف فدعق أن وجود مقر البنك المركزي الخليجي في المملكة يعطي قوة أكبر، وبخاصة مع توافر مناخ اقتصادي قوي في المنطقة، مشيراً إلى ان ما تسعى إليه دول مجلس التعاون من إطلاق العملة الموحدة سينعكس بشكل إيجابي على اقتصادات دول المجلس، ويعزز السوق الخليجية المشتركة التي تحتاج إلى تفعيل أكبر. وأشار فدعق إلى ان أنظمة الدول الخليجية متقاربة جداً حالياً، وهو ما يجعل أمر التوافق في السياسات النقدية أمراً سهلاً، وأن ربط العملة الموحدة بالدولار سيعجل من عملية إنجاز الاتحاد النقدي وإصدار العملة الموحدة، إضافة إلى ما سيحققه من تسهيل لالتحاق الإمارات وعُمان مستقبلاً ومتى رغبا في العودة والانضمام من جديد.